* الفصل الأول
* في
* الدلائل الدالة على أن العبد
* غير مستقل بنفسه بالفعل والترك
ولنا في هذه المسألة براهين :
* البرهان الأول
أن نقول :
القادر على الفعل المخصوص. إما أن يصح منه الترك ، وإما أن لا يصح. والقسم الثاني يقتضي أن تكون تلك القدرة مستلزمة لذلك الفعل. وعند حصول تلك القدرة يجب الفعل ، وعند فقدانها يمتنع الفعل. فكان القول بالجبر لازما.
وأما القسم الأول : فنقول : لما كانت تلك القدرة صالحة للفعل والترك ، كان رجحان أحد الطرفين على الآخر. إما أن يتوقف على مرجح ، أو لا يتوقف.
والقسم الثاني : يقتضي رجحان أحد طرفي الممكن المتساوي على الآخر ، لا لمرجح. وذلك يلزم منه نفي الصانع. وأيضا : فعلى هذا التقدير يكون وقوع الفعل بدلا عن الترك : محض الاتفاق ، ولم يكن مستندا إلى العبد. فيكون الجبر لازما.
وأما القسم الأول : فنقول : ذلك المرجح. إما أن يكون من العبد ، أو من غيره ، أو لا منه ولا من غيره. لا جائز أن يكون من العبد. وإلا عاد التقسيم الأول فيه ، ويلزم إما التسلسل وإما الجبر.
والقسم الثالث : فنقول : أيضا : باطل. لأنه يقتضي جواز حدوث الشيء ، لا لمحدث ، ولا لمؤثر. ويلزم منه نفي الصانع. ويلزم منه أيضا : القول الجبر على ما بيناه ولما بطل هذان القسمان ، ثبت : أن ذلك المرجح ، إنما حدث بإحداث الغير. فنقول : ذلك المرجح إنما يكون مرجحا ، إذا اقتضى رجحان جانب الفعل على جانب الترك ، وعند حصول هذا الرجحان يجب الفعل. وذلك لأن طرف الترك ، حال كونه مساويا لطرف الفعل ، كان ممتنع الرجحان. فحال حصوله مرجوحا ، أولى أن يصير ممتنع الرجحان. وإذا صار المرجوح ممتنعا ، صار الراجح واجبا. ضرورة أنه لا خروج عن النقيضين فثبت : أن صدور الفعل عن العبد ، موقوف على أن يفعل غيره فيه هذا المرجح.
صفحة ٤١