الشرعي إلا أن يشترط الضمان، أو يعتبر فيها تسليط وبعث لأنه من مطلق الإذن كالكلام في الأمانة المالكية التي تقدمت، وإنما الغرض فيها بيان المدرك خرج به عن عموم حديث " اليد " وأنهم كيف يضمنون مصدق مجهول المالك مع أنه مأذون فيها وكيف يضمنون المأذون في أكل المال عند المخمصة وكذا غيرهما من الفروع التي يقف عليها المتتبع مع منافاته لما يدعونه من قاعدة الأمانات المشروعية.
فنقول: قد يقال إن الوجه فيها ما دل على نفي السبيل على المحسن بعد دعوى أن الاستيمان عبارة عن إذن الشارع لا المالك في قبض المال أو التصرف لمصلحة المالك لا لمصلحة القابض نفسه ولا للمركب منهما.
قال في التذكرة (1): " اللقطة أمانة في يد الملتقط ما لم ينو التملك أو يفرط فيها أو يتعدى فإذا أخذها بقصد الحفظ لصاحبها دائما فهي أمانة في يده وإن بقيت أحوالا - إلى أن قال -: لأنه بذلك محسن في حق المالك بحفظ ماله وحراسته فلا يتعلق به ضمان لقوله تعالى: * (وما على المحسنين من سبيل) * (2) انتهى.
أقول: أما دعوى انحصار الاستيمان في ما يرجع المصلحة إلى المالك فقط فمع عدم شاهد عليها، فمدفوعة، بما لا يخفى فإن حقيقة الاستيمان لا دخل له برجوع المصلحة وعدمه أصلا، نعم يكون كذلك في بعض المقامات ولذا أطبقت على قسيميه مثل العارية والإجارة والمضاربة وغيرها عقودا استيمانية مع أن مصلحة القبض في غالبها يرجع إلى القابض فقط، أو إليه وإلى المالك.
صفحة ٤٦