ومنها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: سألته عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق، أعلى صاحبه ضمان؟ فقال: ليس عليه غرم بعد أن يكون الرجل أمينا. (1) أقول: قوله - عليه السلام - " بعد أن يكون الرجل أمينا " يحتمل أن يكون شرطا للحكم في قوة القول، بأنه ليس عليه غرم إذا كان أمينا، ويحتمل أن يكون علة للحكم في قوة القول، بأنه كذا لأنه أمين أي من جهة استبضاعه الذي وضع على الاستيمان، فيدل على أن الأمين لا يدخله التغريم، لكن غير بعيد ظهوره في الوجه الأول كما يشهد له جملة من الأخبار في أبواب الاستيمانات، مثل قوله - عليه السلام -:
إذا كان عدلا مسلما فليس عليه ضمان. (2) وقوله - عليه السلام -: لا غرم على مستعير عارية إذا هلكت، إذا كان مأمونا. (3) وقوله - عليه السلام -: العامل إن كان مأمونا فليس عليه شئ وإن كان غير مأمون فهو ضامن. (4) إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع في الأبواب، ولكن يبعده، أن الظاهر نفي الضمان بحسب الواقع وهذا لا يدخل للأمانة والعدالة فيه إلا إذا كان المراد الضمان من جهة التعدي والتفريط، مع أن الضمان من جهتهما أيضا تابع لواقعهما فلا بد أن يراد بالنفي نفي التغريم بلا بينة من مدعيهما فيكون معنى النفي تقديم قوله في مقام الدعوى، ويؤيده، العدول في التعبير عن الضمان إلى الغرم، ولكن مع هذا لا ينفع لاستفادة كلية عدم ضمان الأمين بالتلف السماوي
صفحة ٣٧