فحاصل أدلة عدم ضمان المتأمن، أن في دفع المالك إليه ملكه على وجه لا يضمنه بعوض واقعي، أعني: المثل والقيمة ولا جعلي، فليس عليه نماؤه، انتهى كلامه ".
وفيه مواقع للتأمل.
فبالحري ذكر الأخبار التي عثرت عليها في الأبواب المتفرقة مما يدل على عدم ضمان الأمين لأنه أمين، تيمنا بها ولعله يستفاد منها ما يغنينا عن هذه الكلمات بالمرة فإن كلامهم - عليهم السلام - نور للقلب وضياء للباصرة.
فمنها: ما رواه القاساني: كتبت إليه - يعني: أبا الحسن - عليه السلام - - وأنا بالمدينة سنة إحدى وثلاثين ومائتين: جعلت فداك رجل أمر رجلا أن يشتري له متاعا أو غير ذلك فاشتراه فسرق منه أو قطع عليه الطريق من مال من ذهب المتاع؟ من مال الآمر أو من مال المأمور؟ فكتبت - عليه السلام -: من مال الآمر. (1) ويمكن أن يستفاد من هذا الخبر أن مطلق التسليط والبعث، موجب لصرف الضمان.
ومنها: ما رواه يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الرجل يبيع للقوم بالآجر وعليه ضمان مالهم؟ قال: إنما كره ذلك من أجل أني أخشى أن يغرموه أكثر مما يصيب عليهم فإذا طابت نفسه فلا بأس. (2) أقول: تعلق الضمان على طيب النفس مما لا يصح إلا بأن يراد السؤال عن اشتراط الضمان فليس هذا بذلك البعيد خصوصا بعد ما عرفت وعليه فلا دخل للرواية بالمقام إلا من جهة مفروغية عدم ضمان الأجير للتلف.
صفحة ٣٦