325

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

محقق

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

الناشر

دار الغرب الإسلامي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٩٩٢ م

تصانيف

وقد روى أنس بن مالك الكعبي (١) عن النبي، ﷺ، أنه قال له: "أَمَا عَلِمْت أَنَ الله وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ" (٢).
فنص ﷺ على أن الأربع أصلٌ، وأنَّ صلاة السفر حطٌّ من الأصل، وهذا أَوْلى من حديث عائشة لأنه لفظ النبيّ، ﷺ، لا يحتمل تأويلًا، وحديث عائشة، ﵂، إخبار منها، فالله أعلم كيف نقلته ومن أين نقلته وهو أيضًا يحتمل التأويل (٣).
تحقيق: ثبت الفرق بين صلاة السفر وصلاة الحضر في الدين قطعًا، ولم يذكر حد السفر الذي يقع به الفرق لا في القرآن ولا في السنة، وإنما كان كذلك لأنها كانت لفظة عربية مستقرًا علمها عند العرب الذين خاطبهم الله تعالى بالقرآن، إلا أن الإِشكال وقع في ذلك بين العلماء لأن السفر له أول وليس له آخر في انتهائه، لكن له آخر فيما يقع عليه اسم السفر من البروز عن المنزل، فنحن نعلم قطعًا أن مَنْ برز عن الدور لبعض الأمور أنه لا يكون مسافرًا لغة ولا شرعًا، وأن مَن مشى مسافرًا ثلاثة أيام فإنه مسافر قطعًا، كما أنّا نحكم على مَنْ مشى مسيرة يوم وليلة بأنه مسافر لقول النبي، ﷺ، في بعض الطرق: "لاَ يِحلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا" (٤) وهذا هو الصحيح لأنه يتوسط بين الحالتين، وعليه عوَّل مالك، ﵁، ولكنه لمّا لم يجد هذا الحديث متفقًا عليه (وروي يومًا وليلة وروي مرة ثلاثة أيام) (٥) لجأ إلى عبد الله بن

(١) أنس بن مالك القشيري الكعبي، أبو أمية، وقيل أبو أميمة أو أبو مية، صحابي نزل البصرة ت ١/ ٨٥.
وانظر ت ت ٣٧٩، وانظر تجريد أسماء الصحابة ١/ ٣١ والإصابة ١/ ١٣٢.
(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى ٣/ ١٤٣ من حديث شعبة عن قام بن عروة عن أبيه عن عائشة: (أنْهَا كَانَتْ تُصَلَّي في السَّفَرِ أربَعًا فَقُلْت لَهَا لَوْ صلَّيْتِ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِي لاَ يَشُقُّ عَلَيَّ) صححه الزيلعي في نصب الراية ٢/ ١٩٢.
(٣) متفق عليه أخرجه البخاري في تقصير الصلاة باب في كم يقصر الصلاة ٢/ ٥٤، ومسلم في الحج باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره ٢/ ٩٧٧، والموطّأ ٢/ ٩٧٩، والبغوي في شرح السنة ٧/ ٢٠ كلهم عن أبي هُرَيرَةَ.
(٤) مسلم كتاب الحج باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره ٢/ ٩٧٧ وأبو داود ٢/ ١٤٠، والترمذي ٣/ ٤٧٢، وقال حسن صحيح، وابن ماجه ٢/ ٩٦٧ - ٩٦٨ والبغوي في شرح السنة ٧/ ١٩، وأحمد، انظر الفتح الرباني ٥/ ٨٦ عن أبي سعيد الخدري قال: "قَالَ رَسُولُ الله ﷺ، لَا يَحِلُّ لاِمْرَأةٍ تؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ أن تُسَافِرَ سَفَرًا يَكون ثَلَاثَةَ أيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلّا وَمَعَهَا أبُوهَا أو ابْنُهَا أوْ زَوْجُهَا أو ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا".
(٥) قال معد الكتاب للشاملة: هذه الحاشية ساقطة من المطبوع.

1 / 331