القبس في شرح موطأ مالك بن أنس
محقق
الدكتور محمد عبد الله ولد كريم
الناشر
دار الغرب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٩٢ م
تصانيف
على أنه قد روى صلاة الخوف صورة من جملة صورها آخر الروايات فيها فكانت للنبي، ﷺ، ركعتان وللقوم ركعة (١).
وسيأتي تمام الكلام في باب صلاة الخوف، إن شاء الله تعالى.
وأما حديث عائشة ﵂: فُرِضَتِ الصَّلاَةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فقد أجاب عنه علماؤنا بخمسة أجوبة:
أحدها: أنها لم تُخبر بذلك عن النبي، ﷺ، وإنما أخبرت عن حال يدركها كل أحد؛ لأن المسافر فرضه ركعتان والمقيم فرضه أربع، وهذا ثابت في الدِّين قطعًا، فإن قيل لو كانت مخبرة عن حال ولم تستند من النبي، ﷺ، إلى مقال لما كانت في ذلك فائدة لأن كل أحد كان يعلم ما ذكرت وهي كانت أفقه من ذلك.
قلنا: قد روى الدارقطني (أَنَّهَا، ﵂، سَافَرَتْ مَعِ النبِي، ﷺ، فَأَتَمَّتْ وَالنَّبِى، ﷺ، يَقْصُرُ مَعَ غَيْرِهَا وَصَامَتْ وَالنَّبِي، ﷺ يفطرُ) (٢) وإنما هذا كله تحويم على أن المسافر هل يجوز له أن يصلي أربعًا أم لا، وهي مسألة خلاف مشهورة.
والأدلة فيها كثيرة، وعمدتنا أن المسافر عندنا فرضه التخيير بين الاثنتين والأربع، إلا أن القصر أفضل لمواظبة النبي، ﷺ، عليه ولفعل الصحابة له قد أتمت عائشة، ﵂، في السفر، وقد أتم عثمان (٣)، ﵁، في السفر.
(١) سيأتي تخريجه في صلاة الخوف.
(٢) الدارقطني في السنن ٢/ ١٨٨ من طريق العلاء بن زهير عن عبد الرحمن بن الأسود قال: قالت عائشة. قال الدارقطني وإسناده حسن، وعبد الرحمن قد أدرك عائشة ودخل عليها وهو مراهق وهو مع أبيه، وقد سمع منها. ورواه النسائي ٣/ ١٢٢، والبيهقي في السنن الكبرى ٣/ ١٤٢ وقال مثل قول الدارقطني السابق، وأورده الزيلعي في نصب الراية ٢/ ١٩١ وذكر أن البيهقي صحّح إسناده والذي في السنن هو ما تقدم.
درجة الحديث: حسنه الدارقطني والبيهقي.
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري في تقصير الصلاة باب الصلاة بمنى ٢/ ٥٣، وفي الحج باب الصلاة بمنى ٢/ ١٩٧ - ١٩٨، ومسلم في صلاة المسافرين باب قصر الصلاة بمنى ١/ ٤٨٢ بلفظ قال نافع: (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، ﵁، صلَّيتُ مَعَ النبي ﷺ، بِمْنَى رَكْعَتَيْنِ وَأبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَعْ عُثْمَان صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أتمَّهَا).
1 / 330