36

التحصين من كيد الشياطين

تصانيف

شك طرق استعانة شركية محرّمة، وقد يكون أخطر ما فيها: الاستهزاء بدين الله تعالى، حيث استخف به المعالِجُ والمعالَجُ، فأعرضا عنه، واستبدلا الذي هو شر بالذي هو خير، وتعلّقا لدفع الضر بغير الله ﷿، وقد قال ﵊: مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلاَ أَتَمَّ اللهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدْعَةً فَلاَ وَدَعَ اللهُ لَهُ (١)، فإذا تخلّى الله تعالى عن هؤلاء جميعهم، وأَذِن تعالى بإيقاع الضرر عليهم، وتركهم إلى ما وثقوا به واعتمدوا عليه من دون الله ﷿، فلا يلومن أحدُهم إلا نفسَه. وخلاصة ذلك أن كل استعانة صريحة بمخلوق، وطلبٍ منه، أو مناداةٍ له، أو دعائه، فهو بلا ريب مما يُغضِب الربَّ سبحانه، لأنه في حقيقته عبادة لغير الله، والعياذ بالله. قال تعالى ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *﴾ [الفاتحة: ٤] . فانظر كيف جعل سبحانه الاستعانة به استمدادًا للمعونة الإلهية، ولياذًا بالحضرة الربانية، مع التبرؤ التام من الالتجاء والتوجه لسواه تعالى، وبدهي أن ثمرة ملازمة ذلك يعود نفعه على العبد، كما أن التجرؤ على مخالفة ذلك ضرره عظيم واقع على العبد لا محالة، وقد كان من لطف الله بعباده أن أرشد إلى وجوب الاستعانة بجلاله، فهو تعالى مستغن عن خلقه قاهر فوق عباده. ٧ - ٨ -٩ - العِرافة والكهانة والتنجيم: أما العرافة: فهي ادعاء معرفة أمور من الغيب، بمقدِّمات يستدل بها مدَّعي ذلك (٢) . فإن استخدم ذلك العرّافُ شياطين الجن ليعلموه شيئًا من علم الغيب، سمي العرّاف كاهنًا، فالكهانة إذًا هي: ادعاء علم الغيب بوساطة

(١) أخرجه أحمد في مسنده (٤/١٥٤)، من حديث عقبة بن عامر ﵁. وصححه الحاكم في "المستدرك" (٤/٢١٦)، ووافقه الذهبي. (٢) انظر: شرح السنة للبغوي (١٢/١٨٢) .

1 / 38