شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة
الناشر
دار البشائر الإسلامية
رقم الإصدار
العاشرة
سنة النشر
١٤٢٣هـ - ٢٠٠٢م
تصانيف
واشترى ابن عباس ﵁ ثوبا بألف درهم فلبسه (١).
وما دام التجمل لا يبلغ حد التأنق المفرط، فهو من الزينة الطيبة التي أباحها الله لعباده وحض عليها:
﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (٢)
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة- يعني: أيعد هذا من الكبر؟ - قال النبي ﷺ: «إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق (٣)، وغمط الناس» (٤).
وهذا ما فهمه الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان وساروا عليه. ومن هنا كان الإمام أبو حنيفة ﵁ حسن الهيئة والثياب، طيب الريح، حريصا على دوام التأنق في الملبس، بلغ من حرصه على إصلاح الشأن وتحسين الثياب والهندام أنه كان يحث الناس على ذلك، ويبالغ في حثهم على إصلاح هيئتهم، ولقد رأى ذات يوم أحد جلسائه في ثياب رثة، فانفرد به وقدم إليه ألف درهم ليصلح بها هيئته، فقال له الرجل: إني موسر، وفي نعمة، ولا أحتاج إليها، فقال له أبو حنيفة معاتبا: أما بلغك الحديث: «إن الله يجب أن يرى أثر نعمته على عبده؟» فينبغي لك أن تغير حالك، حتى لا يغتم بك صديقك.
_________
(١) الحلية ١/ ٣٢١.
(٢) الأعراف: ٣٢ - ٣٣.
(٣) أي أن يتكبر الرجل على الحق فلا يقبله.
(٤) أي احتقارهم والاستهانة بهم.
1 / 42