شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة
الناشر
دار البشائر الإسلامية
رقم الإصدار
العاشرة
سنة النشر
١٤٢٣هـ - ٢٠٠٢م
تصانيف
وهي نظرية الاعتدال التي لا إفراط فيها ولا تفريط: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ (١).
لقد أراد الإسلام لأبنائه ودعاته على وجه الخصوص أن يغشوا المجتمعات، وهم شامات مشتهاة، لا مناظر مؤذية تقتحمها الأعين وتصد عنها النفوس؛ فليس من الإسلام في شيء أن يسف الإنسان في مظهره إلى درجة الإهمال المزري بصاحبه، بدعوى أن ذلك من الزهد والتواضع؛ فرسول الله ﷺ، وهو سيد الزهاد والمتواضعين، كان يلبس اللباس الحسن، ويتجمل لأهله وأصحابه، ويرى في هذا التجمل وحسن الهندام إظهارا لنعمة الله عليه:
«إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» (٢).
وفي طبقات ابن سعد (٣): عن جندب بن مكيث ﵁ قال: «كان رسول الله ﷺ إذا قدم الوفد لبس أحسن ثيابه وأمر علية أصحابه بذلك، فلقد رأيت رسول الله ﷺ يوم قدم وفد كندة، وعليه حلة يمانية، وعلى أبي بكر وعمر ﵄ مثل ذلك».
وأخرج ابن المبارك والطبراني والحاكم والبيهقي وغيرهم عن عمر ﵁ قال: «رأيت رسول الله ﷺ دعا بثياب جدد، فلبسها، فلما بلغت تراقيه قال: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي» (٤).
وكان عبد الرحمن بن عوف ﵁ يلبس البرد أو الحلة تساوي خمسمئة أو أربعمئة (٥).
_________
(١) الفرقان:٦٨.
(٢) حديث حسن، رواه الترمذي والحاكم.
(٣) ٤/ ٣٤٦.
(٤) انظر الترغيب والترهيب ٣/ ٩٣ كتاب اللباس والزينة.
(٥) طبقات ابن سعد ٣/ ١٣١.
1 / 41