وقفات مع أحاديث تربية النبي ﷺ لصحابته
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ
تصانيف
فَفِي الحَدِيث عَن عبد الله ابْن أبي أوفى ﵁ قَالَ: «كنّا مَعَ رَسُول الله ﷺ فِي سفر وَهُوَ صَائِم فَلَمَّا غَابَتْ الشَّمْس قَالَ لبَعض الْقَوْم: «يافلان قُم فاجدح لنا»، قَالَ: إِن عَلَيْك نَهَار، قَالَ: «انْزِلْ فاجدح لنا» فَنزل فجدح لَهُم فَسَار النَّبِي ﷺ ثمَّ قَالَ: «إِذا رَأَيْتُمْ اللَّيْل أقبل من هَاهُنَا فقد أفطر الصَّائِم» (١) وَهَكَذَا رَسَّخ رَسُول الله ﷺ عِنْد صحابته الِاقْتِدَاء بِهِ حَتَّى كَانُوا يتسابقون لمعْرِفَة أَفعاله وأحواله فَهَذَا ابْن عَبَّاس ﵁ يبيت عِنْد خَالَته مَيْمُونَة بنت الْحَارِث ﵂ ليعرف صَلَاة النَّبِي ﷺ بِاللَّيْلِ. وَهَذَا ابْن عمر ﵁ لما دخل النَّبِي ﷺ عَام الْفَتْح الْكَعْبَة وبلال وَعُثْمَان بن طَلْحَة وأغلق عَلَيْهِم الْبَاب. فَلَمَّا فتح الْبَاب ابتدره ابْن عمر وَسَأَلَ بِلَالًا مَا فعل النَّبِي ﷺ فَقَالَ: «صلَّى بَين ذَيْنك العمودين الْمُتَقَدِّمين.» (٢) بل كَانَ ابْن عمر ﵁ فِي حجه بعد وَفَاة النَّبِي ﷺ يتتبع الْمَوَاضِع الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا النَّبِي ﷺ فِي طَرِيقه فَيصَلي فِيهَا. ونجد من شدَّة حرص الصَّحَابَة ﵃ على الْخَيْر والاقتداء بِنَبِيِّهِمْ ﷺ أَنهم اقتدوا بِهِ فِيمَا هُوَ من خَصَائِصه ﷺ. فَفِي الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة ﵁ قَالَ: «نهى رَسُول الله ﷺ عَن الْوِصَال - فِي الصّيام - فَقَالَ رجل من الْمُسلمين: فَإنَّك تواصل يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «وَأَيكُمْ مثلي إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني» . فَلَمَّا أَبَوا أَن ينْتَهوا عَن الْوِصَال وَاصل بهم
_________
(١) أخرجه البُخَارِيّ. (٤/١٩٩) بشرح الْفَتْح. وَمُسلم ك: الصّيام ب: بَيَان وَقت انْقِضَاء الصَّوْم وَخُرُوج النَّهَار (٢/٧٧٢) .
(٢) أخرجه البُخَارِيّ ك: الْمَغَازِي ب: حجَّة الْوَدَاع (٨/١٠٥) .
1 / 131