وقفات مع أحاديث تربية النبي ﷺ لصحابته
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ
تصانيف
الوقفة الثَّانِيَة: فِي التربية الأخلاقية
...
الوقفة الثَّانِيَة: التربية الأخلاقية
لقد أعْطى الرَّسُول ﷺ للأخلاق منزلَة عالية تمثلت فِي توجيهاته ﷺ، وَمَا أعطَاهُ للأخلاق من أهمية، وَمَا بذله فِي سَبِيل ترسيخ الْأَخْلَاق، وغرسها فِي نفوس أَصْحَابه منهجًا رائعًا آتى ثماره وَكَانَ خير مَنْهَج فِي تَقْوِيم السلوك والدعوة لِلْخلقِ الْحسن. يتَمَثَّل ذَلِك فِي الْأُمُور الْآتِيَة:
أَولا: كَانَ ﷺ قبل أَن يُوَجه أَصْحَابه إِلَى اتّباع الْخلق الْحسن كَانَ خير قدوة لَهُم فِي ذَلِك فقد كَانَ ﵇ قمة سامقة فِي الْأَخْلَاق السامية حَتَّى شهد لَهُ بذلك الْقُرْآن الْكَرِيم قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم﴾ (١) وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم حَرِيص عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم﴾ (٢) فقد أدب الله (نبيه بآداب حَسَنَة، وَجعل لَهُ برحمته هَذِه الْأَخْلَاق الْعَالِيَة ﴿فبمَا رَحْمَة من الله لنت لَهُم وَلَو كنت فظًا غليظ الْقلب لانفضوا من حولك﴾ (٣) وَكَانَ ﵇ يَسْتَقِي من الْقُرْآن أخلاقه، فَعَن عَائِشَة ﵂ أَنَّهَا سُئلت عَن خلق رَسُول الله (فَقَالَت: «كَانَ خلقه الْقُرْآن» أخرجه مُسلم (٤) وَلَقَد كَانَ (يُعَامل جَمِيع النَّاس مُعَاملَة خلقية عالية حَتَّى خَدَمُه قَالَ: أنس بن مَالك ﵁: «خدمت رَسُول الله عشر سِنِين فَمَا قَالَ لي: أفٍ قطّ، وَمَا قَالَ لشَيْء صَنعته لم صَنعته؟ وَلَا لشَيْء تركته لم تركته؟
وَكَانَ رَسُول الله أحسن النَّاس خلقا، وَلَا مسست خَزًّا وَلَا حَرِيرًا وَلَا شَيْئا كَانَ أَلين من كفِّ رَسُول الله ﷺ وَلَا شممت مسكًا
_________
(١) سُورَة الْقَلَم / آيَة: ٤.
(٢) سُورَة التَّوْبَة / أَيَّة: ١٢٨.
(٣) سُورَة آل عمرَان / آيَة: ١٥٩.
(٤) أخرجه مُسلم ك: صَلَاة الْمُسَافِرين ب: جَامع صَلَاة اللَّيْل ح٧٤٦ (١/٥١٣) .
1 / 118