وقفات مع أحاديث تربية النبي ﷺ لصحابته
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ
تصانيف
والتمتع بحلالها ﴿وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا﴾ (١) وَفِي دُعَاء الْمُؤمنِينَ الَّذين أثنى الله عَلَيْهِم ﴿رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة﴾ (٢) فَلَيْسَ الزّهْد فِي الدُّنْيَا بِتَرْكِهَا والانقطاع للآخرة بل أَن لَا تكون الدُّنْيَا فِي الْقلب وَإِن كَانَت فِي الْيَد يَقُول صَاحب كتاب وَقْفَة تربوية: «لم يخلق الله الدُّنْيَا ثمَّ يحرّمها على خلقه، بل ذمها عِنْدَمَا يتخذها هَذَا الْمَخْلُوق هدفًا يحيا وَيَمُوت من أَجله فتنسيه الهدف الَّذِي خلق من أَجله، وَهُوَ الْعِبَادَة أما إِذا كَانَت الدُّنْيَا مزرعة للآخرة فَمَا أجملها، وَمَا ألذّها وأسعد مَا فِيهَا. لقد كثرت عِبَارَات السّلف ﵃ عَن النَّوْع الأول من الدُّنْيَا، تِلْكَ الَّتِي تلهي صَاحبهَا عَمَّا خلق من أَجله أُولَئِكَ الَّذين أدخلوها فِي قُلُوبهم..ينبههم التَّابِعِيّ الْجَلِيل مَالك بن دِينَار بقوله: «إِن الله جعل الدُّنْيَا دَار سفر، وَالْآخِرَة دَار مقرّ فَخُذُوا لمقركم من سفركم، وأخرجوا الدُّنْيَا من قُلُوبكُمْ قبل أَن تخرج مِنْهَا أبدانكم» (٣)
إِنَّه لم يسْتَطع أحد من أُولَئِكَ العمالقة من الصَّحَابَة ﵃ وَالتَّابِعِينَ وَالصَّالِحِينَ من بعدهمْ أَن يقومُوا بِتِلْكَ الطَّاعَات، ويتبوءوا تِلْكَ الْمنَازل الْعَالِيَة، إِلَّا بعد أَن أخرجُوا تِلْكَ الدُّنْيَا الملهية من قُلُوبهم وَأَن يجعلوها بِأَيْدِيهِم» (٤) .
_________
(١) سُورَة الْقَصَص آيَة (٧٧) .
(٢) سُورَة الْبَقَرَة آيَة (٢٠١) .
(٣) صفة الصفوة لِابْنِ الْجَوْزِيّ (٣/٢٨٥) .
(٤) وَقْفَة تربوية للشَّيْخ عبد الحميد البلالي ص:١٣٧.
1 / 117