سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام
الناشر
مكتبة الغرباء
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٨ هـ
مكان النشر
الدار الأثرية
تصانيف
عباد الله! "كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستاجر الرجال من مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم، وكانت قريش قومًا تجارًا فلما بلغها عن رسول الله ﷺ ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجر أو تعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، فقبله رسول الله ﷺ، وخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام" (١).
عباد الله! ولما رجع إلى مكة، ورأت خديجة في مالها من البركة ما لم تر قبل هذا، وأُخبرت بشمائله الكريمة وجدت ضالتها المنشودة فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها، وهذه ذهبت إليه تفاتحه أن يتزوج خديجة فرضي بذلك، وكلم أعمامه فذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه وعلى إثر ذلك تم الزواج، وكان سنها إذ ذاك أربعين سنة.
وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسبًا وثروة وعقلًا، وهي أول امرأة تزوجها رسول الله ﷺ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت ﵂ وكل أولاده منها سوى إبراهيم" (٢).
عباد الله! تعالوا بنا لنتعرف على أم المؤمنين خديجة ﵂ من خلال الأحاديث والآثار الصحيحة.
أولًا: منزلة خديجة من نساء العالمين
قال ﷺ: "حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت
_________
(١) "سيرهَ ابن هشام مع الروض الأنف" (١/ ٢١٢).
(٢) "وقفات تربوية" (ص ٥٥).
1 / 53