سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

صالح بن طه عبد الواحد ت. 1439 هجري
114

سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

الناشر

مكتبة الغرباء

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢٨ هـ

مكان النشر

الدار الأثرية

تصانيف

قريشًا أصابت من رسول الله ﷺ فيما كانت تظهره من عداوته؟ فقال: لقد رأيتهم وقد اجتمع أشرافهم يومًا في الحجر، فذكروا رسول الله ﷺ فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط؛ سفه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرق جماعتنا، وسب آلهتنا، وصرنا منه على أمر عظيم. قال: فبينما هم في ذلك إذ طلع رسول الله ﷺ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن، ثم مر بهم طائفًا بالبيت، فغمزوه ببعض القول، فعرفت ذلك في وجه رسول الله ﷺ، فمضى، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفتها في وجهه، فمضى، فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها فقال: أتسمعون يا معشر قريش؟ أما والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بالذبح"، فأخذت القوم كلمته، حتى ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع حتى إن أشدهم فيه وصاةً قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول، حتى إنه ليقول: انصرف أبا القاسم! راشدًا، فوالله ما كنت جهولًا. فانصرف رسول الله ﷺ حتى إذا كان في الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم، فقال بعضهم لبعض: ذكرتم ما بلغ منكم، وما بلغكم عنه، حتى إذا بدأكم بما تكرهون تركتموه، فبينما هم في ذلك إذ طلع رسول الله ﷺ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأحاطوا به يقولون: أنت الذي تقول: كذا وكذا؟ لما كان يبلغهم من عيب آلهتهم ودينهم، فيقول رسول الله ﷺ: "نعم، أنا الذي أقول ذلك". ولقد رأيت رجلًا منهم أخذ بمجامع ردائه، وقام أبو بكر يبكي دونه ويقول: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾ [غافر: ٢٨]؟! ثم انصرفوا عنه (١). وعن عائشة ﵂ قالت: قلت: يا رسول الله! هل أتى

(١) "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ١٤٨).

1 / 105