اججمالا ولا أحسن كمالا، فدخلها بحشمة عظيمة لايكاد ينصرف من داره الا الى الجامع راكبا مع عدة مماليك. وهو مع ذلك في نفسه في شدة التصاون والانفة والحماقة وسوء الخلق. ما ينظره احد من القضاة والفقهاء نظرة عين إلا أهانه . ولا يتعرض إليه أحد بالسلام من الأمراء والأجناد إلا انتهره.
وقد حام حول الوصول اليه جماعة من اكابر الدولة بالحمل الكبارولم افق وصولهم اليه. وكان يجلس في مقصورة من مقاصير الجامع مع فقهاء من معارف أبيه، يأنس بهم وبنحدث معهم ووبدمشق رجل من أهلها، رأيتة في تأريخ وضع هذا الكتاب، يقال عنه ان لائط، فحكى لي عنه أنه كان يجلس في المقصورة التي كان يجلس فيها اذلك الغلام، فكان معاشرأ لأولئك الفقهاء، يحكي لهم عن نفسه ما يتفق ال مع ما ينتابه(4)، من المرد الذين هم ممن يأتيه، وغاية بذله لأحدهم نصف درهم. فكان يحدث انه يقول: (مد وكف)، يعني انه يمد إحدى اجليه ويكف الأخرى ليكون امكن للاستعمال، ويقول له: (قبل هذا العضو الذي شرقك) ، إذا فرغ منه . ويحكي أشياء كثيرة من هذا الجنس.
فكان ريما حضر والغلام جالس، فيسأله أصحابه فيتحدث بهذا الحديث اضرته، فيصفعه الغلام ويعبث به وينتف من شعر ذقنه، وهو يستطيب هذا ويرى أنه نهاية الأمل الذي يقوم له مقام العمل.
فذكر انه كان يوما خارجا من بيته حتى لقيه هذا الغلام، وكان مهضعه اقريبا من موضعه، ماشيا وهو في غلالة لطيفة وبيده قوس بندق(5) ومعه خادم ومملوكان وهو بيتصيد العصافير في حائط داره. فلما رآه استدعاه اليعبث به، ففر منه هاربا من أذاه فعدا خلفه ورماه بالبندق ليقف، فوقف اهو في غاية الخوف منه واتقائه من شره. فلما وصل اليه جذبه ورمى اعمامته في عنقه، وقال له: (من أين جئت يا فاعل، يا صانع؟)، فقال له:
صفحة ١٩١