وهي خمرة كريمة كان يؤتى بها إلى ديار الغرب من بلاد وراء بحر الروم، من عنب كان اسمه
kanthareos .
وأما الحنطة المسماة بالخندريس فهي من اليونانية
KANTHARIS
وهو ضرب من السوس الذي يقع في الحنطة، إذا مضى عليها زمن طويل؛ وهو ضرب من الخنافس صغير اسمه بالعربية «الجندع» فيكون معنى الخندريس للحنطة القديمة، تلك الحنطة التي هجم عليها الجندع أو السوس، ولا تكون كذلك إلا إذا قدم عهدها، فكلمة
KANTHAR
والجندع، شيء واحد لا غير، واليونان لا يعرفون أصل الاسم لهذه الحشرة، وأما العربية فإنها مشتقة من «الجدع» وهو القطع؛ لأنها تتعرض لقرض القطاني والحنطة والكرمة وغيرها، وهي بالفرنسية
charançon
على أن الجنادع في العربية جاءت بمعان أخر، وهي كل ما أشبه تلك الجنادب بظاهرها، وهو من باب التوسع وأمثاله كثيرة وهي مما يدفع المحقق إلى أن لا يحصر معاني الكلمة الواحدة بمعنى واحد كما يفعله بعضهم. (5)
ومن الألفاظ الأعجمية التي اشتق لها العرب أصلا عربيا أو أصلا أعجميا وهميا «المنجنيق» قال الفيروزآبادي في «ج ن ق»: «والمنجنيق، ويكسر الميم، آلة ترمى بها الحجارة كالمنجنوق، معربة، وقد تذكر، فارسيتها: «من جه نيك» أي: أنا ما أجودني! وجمعها منجنيقات ومجانق ومجانيق.» وزاد التاج بعد مجانق: وقال سيبويه: هي فنعليل، الميم من نفس الكلمة، لقولهم: في الجمع مجانيق، وفي التصغير مجينيق، ولأنها لو كانت زائدة لاجتمعت زائدتان في أول الاسم ، وهذا لا يكون في الأسماء ولا الصفات التي ليست على الأفعال المزيدة؛ ولو جعلت النون من نفس الحرف، صار الاسم رباعيا، والزيادات لا تلحق بنات الأربعة أولا إلا الأسماء الجارية على أفعالها، نحو مدحرج، وقد جنقوا تجنيقا: إذا رموا بأحجار المنجنيق»، وقال الليث: مجنقوا منجنيقا، عند من جعل الميم أصلية، قال: وقد يجوز أن تكون زائدة؛ لأن العرب ربما تركوا هذه الميم في كلمة سوى ذلك، كقولهم للمسكين: قد تمسكن، وإنما المسكين على قدر مفعيل، كالمنطيق والمحضير، ونحو ذلك، قال شيخنا: «وقد اختلفوا في وزن هذا اللفظ على أقوال للفراء والمازني وأبي عبيد والتوزي، وهل الميم هي الأصلية، أو النون، أو غير ذلك؟ واستدلوا بجنقونا وبعدم زيادة الميم في مثله، وفي غير ذلك، مما لا طائل تحته، والصواب عندي (أي عند الشارح) أن حروفه كلها أصلية؛ لأنه عجمي، لا سبيل فيه إلى دعوى الاشتقاق، ولا مرجح ادعاء زيادة بعض الحروف دون بعض، ولا داعي لذلك، فالصواب إذن أن يذكر في فصل الميم، كما هو ظاهر، والله أعلم.» انتهى بما فيه، وراجع لسان العرب أيضا في مادة «جنق»، ولا سيما «مجنق»، فإن الشارح نقل أغلب كلامه من المصدر المذكور.
صفحة غير معروفة