جاء في حياة الحيوان: «العطرف، بالكسر: الأفعى الكبيرة»، ولم يذكر اللغويون هذه اللفظة، وجاء في القاموس والتاج: العظرب: الأفعى الصغيرة، وهذه اللفظة لم ترد في اللسان، بل ورد فيه الغطرب (وقد ضبطت كجعفر) بمعنى الأفعى. عن كراع، وقال في «غ ض ف»: «الغضوف: الأسد والحية الخبيثة .» ولم يذكرها اللغويون فلعلها الغطرب، بغين مفتوحة فطاء ساكنة فراء مفتوحة فباء، وقد تكون صحيحة وإن لم يذكرها أرباب اللغة؛ لأن الاشتقاق يجيزها.
وجاء في القاموس في «زرر»: وقول الجوهري: إذا كانت الإبل سمانا: قيل لها: بها زرة. تصحيف قبيح وتحريف شنيع؛ وإنما هي بهازرة، على وزن فعاللة.
وذكر اللغويون الأبيان، بالتحريك، بمعنى الأبي، وصرحوا بضبطها أنها بتحريك الهمزة والباء والياء (والمعروف عند الجميع أن وزن فعلان، بالتحريك، لم يأت صفة، والوارد صفة هو وزن فعلان بإسكان، وأما الذي بالتحريك فهو من أوزان المصادر)، والظاهر أن أول من ركب متن هذا الغلط الجوهري، وقلده غيره من أصحاب الدواوين والمتون والشروح تقليدا أعمى من غير تحقيق ولا تثبت.
وسبب زلة الجوهري - على ما يبدو لي - أنه سمع قول أبي المجشر وهو شاعر جاهلي:
وقبلك ما هاب الرجال ظلامتي
وفقأت عين الأشوس الأبيان
فاتخذه شاهدا على ما ادعاه مع أنه يمكن أن يقول القائل: تحريك الباء هنا للضرورة الشعرية التي تجيز الشاعر أن يحرك الساكن، إذن قال: الأبيان بالتحريك في مكان الأبيان بالإسكان.
وقد قال الفارابي في ديوان الأدب، قبل ختام الأسماء من الهمز (أي في الصفحة 519 من نسختنا الخطية): «إن الأبيان وزان فعلان كملآن ودفآن، وتحمل رواية من روى الأبيات بالتحريك على الغلط من الراوي، أو الضرورة الشعرية.» ا.ه.
وقال في التاج: كشمر أنفه، بالشين بعد الكاف: كسره. قاله صاحب اللسان، ولا جرم أن معنى كشمر أنفه كسره أي أذله، كما يقال: «كسر فلان الجيش أي هزمه.» ا.ه.
والذي عندنا: أن كشمره لغة في قسبره اجتمع فيها إبدالان أي رغمه أو رغم أنفه بمعنى أذله، ولا يريد به الكسر المادي، وإن كان الوضع الأصلي هو الأول، وإلا لو كان المراد به الكسر الحقيقي للأنف لقال: جدع أنفه أو قطعه أو ما أشبه هذا التعبير، وعليه أخطأ من نقل الألفاظ العربية إلى الأعجمية، وذهب بنقل كشمره إلى المعنى الحقيقي، لا المجازي، مثل عاصم أفندي: صاحب الأوقيانوس، وغوليوس، وفريتغ، وقزميرسكي، ومن نحا نحوهم ونقل من كتبهم.
صفحة غير معروفة