واربد وجه سهير هنيهة، ولكن سرعان ما استجمعت قوة الأنثى. - ألف مبروك.
وقال الباشا: نعرفها؟ - يا معالي الباشا لو كنت تعرفها ما تزوجتها أنا أبدا.
وقهقه الباشا بصوت مرتفع.
وتبسمت سهير، وقال راشد مستطردا: نعرف أباها، وإلى هنا والمسألة سليمة والحمد لله. - من؟ - ابنة عثمان باشا فكري. - لقد اخترت. - حقا يا باشا؟ - سمعت عنها كل خير. - الحمد لله، معاليك متأكد أنه سمع فقط؟ - نعم، نعم، لا تخف. وماذا تريدنا أن نقدم لك هدية لهذا الزواج؟ - معاليك خير من يختار. - إنني أعد لك مفاجأة منذ بضعة أشهر، أظن أنها تصلح هدية لزواجك. - هل لي أن أسأل؟ - الآن أستطيع أن أقول لك. - عظيم. - أنت تعرف صلتي برئيس الوزراء. - نعم، ولو أنك رفضت أن تشترك في الوزارة. - الوزارة بالنسبة لي خسارة كبيرة، فهي تجعلني أترك الشركات التي أعمل بها. - ربما كنت على حق. - اعتذرت عن عدم قبول الوزارة، ولكن تستطيع أن تعتبرني مشتركا فيها، فرئيس الوزراء يستشيرني دائما، وقد طلبت أجرا لاستشارتي هذه. - طبعا استشارة زكريا باشا لا بد أن تكون مكافأتها كبيرة. - لقد طلبت لك الباشوية. - حقا؟ - وأظن أن اسمك سيظهر في إنعامات العيد.
لم يبق إلا أشهر قلائل، تصبح راشد باشا برهان. - اسمح لي أن أقبلك يا معالي الباشا. •••
حين ذهب إلى بيته راح خادمه الجديد إدريس يخلع عنه ملابسه، فقد غضب عم محمدين على بدوي، واتهمه بأن يده طويلة وحرامي، فطرده وجاء بإدريس بدلا منه، ولم يكن راشد بك يرد لعم محمدين أمرا يأمره في البيت، فقد كبر على يديه وهو يعتبر مربيا له.
لاحظ إدريس أن راشد بك سعيد حالم، وإن كان لم ينطق بحرف واحد، وبينما هو يخلع عنه بنطلونه إذا بعم محمدين: سعادة البك.
وقال راشد في نفسه بعد بضعة أشهر: ستقول سعادة الباشا، يا عم محمدين. - نعم يا عم محمدين. - فهمي بك تحت. - الآن؟ - لما رأى دهشتي، قال إنه يريدك في شيء مهم. - اللهم اجعله خيرا. ألبسني يا بدوي، آسف أقصد يا إدريس.
وحين لبس قال لمحمدين: هات دفتر الشيكات من درج الدولاب يا عم محمدين. ونزل راشد إلى حجرة مكتبه. - خيرا يا فهمي؟ - أين الكمبيالة؟ - يا رجل، أمن أجل هذا تأتي في هذه الساعة؟! - إن الحديث الذي أريدك فيه لا تصلح له إلا هذه الساعة. - هل رد الدين يحتاج إلى هذه الساعة؟ - إني سأرده نعم، ولكن ليس بالطريقة العادية. - ماذا؟ - معي ورقة تحتاج إليها. - وهل تريد أن تبيعها لي؟ - نحن نعمل في البورصة، وأنت قلت: إن البورصة لا قلب لها. - ولكن نحن لنا قلوب. - نحن أبناء البورصة. - بل نحن أبناء الإنسان. - المهم، ألا تريد أن ترى الورقة؟ - لا بأس.
وأخرج فهمي الورقة وفتحها لحظة، ثم أقفلها وأعادها حيث كانت.
صفحة غير معروفة