============================================================
المقدمة بس والله الرمرال الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي إلى الطريق القويم والمنهج السليم سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : فلا شك أن الدراسات التي تبنى على أصول البحث العلمي الرصين والاستيعاب الكامل لجوانب العلم كلها لا يمكن أن تتحقق على أتم صورة وأحسن شكل إلا بتوافر خبرة عميقة شاملة، ودراية متينة حافلةة وعناية بشتى أصناف العلوم كاملة.
وتتعين أهمية ذلك على الباحث في العلوم الشرعية بعامة، وعلى الباحث في علم الكلام بخاصة، لأن الخطأ في المسائل العملية إذا كان مغتفرا لطالب العلم وفيه أجر واحد للفقيه المجتهد فإنه ليس كذلك في المسائل الاعتقادية، ومن هنا فلا يقدر على التأليف فيه إلا من استجمع من العلوم صنوفها ومن الفنون ألوانها.
ولا يخفى على أهل العلم أن علم العقائد الذي هو مجموع الأمور التي يجب أن يدين المرء بها ويؤمن بها ايمانا لا شائبة فيه قد أنشيء لبيان هذه العقائد وإقامة البراهين اليقينية على صدقها وصحتها، وأن البحث في مسائل هذا العلم قد بدأ بعد وفاة رسول الله-- مباشرة، وذلك في مسألة الخلافة ومن أحق بها، ثم جاءت مسألة التحكيم، ثم آل الأمر إلى ظهور معبد الجهني، وكل هذا في مسائل محدودة ضيقة النطاق، إلا أن الأمر اتسع نطاقه عندما آل الأمر إلى بني العباس فكثر البحث في العقائد في عصرهم وتشعبت طرائق الكلام عنها، واتخذ ألوانا جديدة لم تكن أيام النبي- - ولا الأولين من صحابته فتكونت المدارس الكلامية.
وقدهيا الله - تعالى - هذا العلم رجالا ذادوا به عن حياض الدين، وردوا به جهل الجاهلين وتحريف الغالين وانتحال المبطلين، وكان من بين هؤلاء العلماء الجهابدة الإمام سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني الذي أعطي من العلم حظأ وافرا تجمل بتأليفه كتابين في علم الكلام هما : شرح العقائد النسفية، وشرح المقاصد نالا من العناية والدراسة والتحقيق والتعليق ما لم ينله غيرهما، وكان شرح العقائد النسفية أو فرهما حظأ بالعناية من لدن الدارسين، فاتبرى له كثير من العلماء بالشرح وعمل الحواشي والتحقيق والدراسة له والتخريج لأحاديثه، وكان الإمام البقاعي أحد أولئك الذين وفقهم الله - تعالى - لعنايته بالنكت والفوائد الذي لم ينل عناية الدار سين واهتمام الباحثين، ولم يأخذ له مكانا في صفوف مطبوعات المكتبة الإسلامية.
صفحة ٥