النكت والعيون
محقق
السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم
الناشر
دار الكتب العلمية
مكان النشر
بيروت / لبنان
﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين﴾ قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الكِتَابُ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني التوراة والإنجيل، ليكون إخبارًا عن ماضٍ. والثاني: يعني به ما نزل من القرآن قبل هذا بمكة والمدينة، وهذا قول الأصم. والثالث: يعني هذا الكتاب، وقد يستعمل ذلك في الإشارة إلى حاضر، وإن كان موضوعًا للإشارة إلى غائب، قال خُفاف بن ندبة:
(أَقُولُ لَهُ والرُّمْحُ يَأْطِرُ مَتْنُهُ ... تَأَمَّلْ خُفَافًا إِنَّنِي أَنَا ذَلِكَا)
ومن قال بالتأويل الأول: أن المراد به التوراة والإنجيل، اختلفوا في المخاطب به على قولين: أحدهما: أن المخاطب به النبي ﷺ، أي ذلك الكتاب الذي ذكرته في التوراة والإنجيل، هو الذي أنزلته عليك يا محمد. والقول الثاني: أن المخاطب به اليهود والنصارى، وتقديره: أن ذلك الذي وعدتكم به هو هذا الكتاب، الذي أنزلته على محمد عليه وعلى آله السلام. قوله ﷿: ﴿لاَ رَيْبَ فيهِ﴾ وفيه تأويلان: أحدهما: أن الريب هو الشك، وهو قول ابن عباس، ومنه قول عبد الله بن الزِّبَعْرَى:
(لَيْسَ في الْحَقِّ يَا أُمَيْمَةُ رَيْبٌ ... إِنَّمَا الرَّيْبُ مَا يَقُولُ الْجَهُولُ)
والتأويل الثاني: أن الريب التهمة ومنه قول جميل:
(بُثَيْنَةُ قالتْ: يا جَمِيلُ أَرَبْتَنِيُ ... فَقُلْتُ: كِلاَنَا يَا بُثَيْنَ مُرِيب)
قوله ﷿: ﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾، يعني به هدىً من الضلالة. وفي المتقين ثلاثة تأويلات:
1 / 67