309

النكت والعيون

محقق

السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم

الناشر

دار الكتب العلمية

مكان النشر

بيروت / لبنان

﴿فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ: كَمْ لَبِثْتَ﴾ أي مكث. ﴿قَالَ: لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ لأن الله تعالى أماته في أول النهار، وأحياه بعد مائة عام آخر النهار، فقال: يومًا، ثم التفت فرأى بقية الشمس فقال: ﴿أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾. ﴿قَالَ: بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: معناه لم يتغير، من الماء الآسن وهو غير المتغير، قال ابن زيد: والفرق بين الآسن والآجن أن الآجن المتغير الذي يمكن شربه والآسن المتغير الذي لا يمكن شربه. والثاني: معناه لم تأتِ عليه السنون فيصير متغيرًا، قاله أبو عبيد. قيل: إن طعامه كان عصيرًا وتينًا وعنبًا، فوجد العصير حلوًا، ووجد التين والعنب طريًا جنيًّا. فإن قيل: فكيف علم أنه مات مائة عام ولم يتغير فيها طعامه؟ قيل: إنه رجع إلى حاله فعلم بالآثار والأخبار، وأنه شاهد أولاد أولاده شيوخًا، وكان قد خلف آباءهم مُرْدًا أنه مات مائة عام. وروي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: أن عزيرًا خرج من أهله وخلف امرأته حاملًا وله خمسون سنة، فأماته الله مائة عام، ثم بعثه فرجع إلى أهله، وهو ابن خمسين سنة، وله ولد هو ابن مائة سنة، فكان ابنه أكبر منه بخمسين سنة، وهو الذي جعله الله آية للناس. وفي قوله تعالى: ﴿وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا﴾ قراءتان: إحداهما: ننشرُها بالراء المهملة، قرأ بذلك ابن كثير ونافع وأبو عمرو، ومعناه نحييها. والنشور: الحياة بعد الموت، مأخوذ من نشر الثوب، لأن الميت

1 / 332