النكت والعيون
محقق
السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم
الناشر
دار الكتب العلمية
مكان النشر
بيروت / لبنان
﴿وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين﴾ قوله تعالى: ﴿... خُذُوا مَآءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ﴾ يعني بجد واجتهاد. ﴿وَاسْمَعُواْ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: يعني فاعملوا بما سمعتم. الثاني: أي اقبلوا ما سمعتم، كما قيل سمع الله لمن حمده، أي قبل الله حمده، وقال الراجز:
(السمعُ والطاعة والتسليم ... خير وأعفى لبني تميم)
﴿قَالُوا: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ فيه تأويلان: أحدهما: أنهم قالوا ذلك حقيقة، ومعناه سمعنا قولك وعصينا أمرك. والثاني: أنهم لم يقولوه ولكن فعلوا ما دل عليه، فقام الفعل منهم مقام القول كما قال الشاعر:
(امتلأ الحوض وقال قَطْني ... مهلًا رويدًا قد ملأت بطني)
﴿وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: أن موسى برد العجل وذرّاه في الماء، فكان لا يشربه أحد يحب العجل إلا ظهرت نخالة الذهب على شفتيه، وهذا قول السدي، وابن جريج. والثاني: أنهم أُشربوا حب العجل في قلوبهم، يقال أُشرِبَ قلبه حبَّ كذا، قال زهير:
(فصحوتُ عنها بعد حبٍّ داخل ... والحبُّ تُشربه فؤادَك: داءُ)
1 / 160