ومنها: أنه عليه السلام لما وصل الأتراك إلى جهة برط والتجأ الإمام عليه السلام ومن معه إلى قفر في تلك الجهات فأصبحوا ذات يوم وليس معهم من الطعام شيء، فاعتزل الإمام عليه السلام هو وولده الحسين بن أمير المؤمنين إلى مكان خال من أصحابه غير بعيد، فدعا إلى الله سبحانه وسأله من فضله، فإذا جمل موقر عنبا سبق صاحبه، فلما وصل إلى الإمام قسم له ولأصحابه نصف ذلك العنب، ودعا له الإمام عليه السلام، وبقى الإمام عليه السلام هو وأصحابه ذلك اليوم ولا شيء معهم على خوف من الأتراك إلى اليوم التالي، فإذا جماعة وصلوا من اليمن بمال كثير للإمام عليه السلام زهاء مأتي حرف، فأخذ الإمام عليه السلام وقر ثلاث جمال بر وأخذ له رفقا في الطريق وسار ليلة إلى موضع قفر يسمى العقل، فوافق هناك شيخا من مشائخ ذي حسين من مشارق برط من دهمة[ق/26] اسمه أبو حياد محمد بن علي وقدكان هذا الشيخ نافرا من الإمام عليه السلام فألقى الله في قلبه محبة للإمام عليه السلام عظيمة يقل الوصف عنها، وبقى الإمام عليه السلام وأصحابه في تلك القفار معه وحواليه حتى رجعت الأتراك من برط إلى صعدة.
ومنها: أن الثعابين والحيات في تلك الجهات كثيرة وقد أهلكت كثيرا من أهلها وعلى قبر كل من هلك منهم منها علامة يعرف بها أنه هلك بسم الأفاعي ينقبون ذلك في حجارة على قبورهم، ولم يقع في الإمام عليه السلام ولا جميع أصحابه ولامن وصل إليه شيء من ذلك مع كون بقايهم أكثر ذلك الزمان في القفار.
صفحة ٢٦٩