المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد (١٢٣) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
المعاصي١.
قال ابن عبد البر: في شرحه لحديث “لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث” ٢ وهذا الحديث وإن كان ظاهره العموم، فهو -عندي- مخصوص بحديث كعب بن مالك، حيث أمر ﷺ أصحابه أن يهجروه ولا يكلموه هو وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع لتخلفهم عن غزوة تبوك، حتى أنزل الله ﷿ توبتهم وعذرهم، فأمر رسول ﷺ أصحابه أن يراجعوهم الكلام. وفي حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه إذا بدت منه بدعة أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديبًا له، وزجرًا عنها٣.
ومنها ما روى عن عائشة ﵂: "أن صفية بنت حيي ﵂ اعتل جملها وكان عند زينب بنت جحش ﵂ فضل ظهر فقال لها النبي ﷺ: يا زينب افقري أختك صفية جملًا فقالت: أنا أفقر يهوديتك، وفي رواية: أنا أعطي تلك اليهودية فغضب النبي ﷺ حين سمع ذلك منها، فهجرها، فلم يكلمها حتى قدم مكة وأيام منى في سفره حتى رجع إلى المدينة والمحرم وصفر فلم يأتها ولم يقسم لها ويئست منه، فلما كان شهر ربيع الأول دخل عليها” ٤.
ومن الأدلة فعل الصحابة ﵃، فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مغفل ﵁ أنه رأى رجلًا يخذف، فقال له: لا تخذف، فإن رسول الله ﷺ نهى عن الخذف ٥ أو كان يكره الخذف وقال: إنه لا يصاد به الصيد،
_________
١ فتح الباري (١٠/٤٩٧) .
٢ سبق تخريجه ص٥٦.
٣ التمهيد (٦/١١٧-١١٨) .
٤ ذكرته هنا مختصرًا وهو بأطول من ذلك، وقد أخرجه حم (٦/٣٣٨) د. السنة. باب ترك السلام على أهل الأهواء (٤/١٩٩) .
٥ الخذف كالضرب، رميك بحصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك فترمي بها، انظر القاموس المحيط (ص:١٠٣٧)، تاج العروس (٦/٨٠) .
1 / 103