وزاراته قصدني قصدا قبيحا، لشيء كان في نفسه علي، فأنفذ العمال إلى ضياعي، وأمر بنقض معاملاتي، وبسط لسانه بثلبي وتنقصي في مجالسه، وأدام الغض مني إذا دخلت إليه.
فوسطت بيني وبينه جماعة، وبذلت له أشياء توجب صلاح ما بيننا، فما نجعت، وأقام على قصدي، وأنا محتمل، طامع في رجوعه (1) .
فدخلت يوما داره، فسمعت حاجبه يقول وقد وليت عنه: أي بيت مال يمشي على وجه الأرض؟ألفا ألف دينار تمشي وليس لها من يأخذها؟ فعلمت أن هذا من كلام صاحبه، وأني منكوب، وكان عندي في ذلك الوقت سبعة آلاف ألف دينار، عينا وجوهرا، سوى غيرهما مما يحتوي عليه ملكي.
فضاقت علي الدنيا، وسهرت ليلتي بأسرها أفكر في أمري معه، فوقع لي الرأي في الثلث الأخير، فركبت في الحال إلى داره، فوجدت الأبواب مغلقة، فطرقتها.
فقال البوابون: من هذا؟ فقلت: ابن الجصاص.
فقالوا: ليس هذا وقت وصول، والوزير نائم.
فقلت: عرفوا الحجاب أني حضرت لمهم، فعرفوهم، فخرج إلي أحدهم، فقال: إنه إلى ساعة ينتبه، فتجلس وتنتظر.
فقلت: الأمر أهم من ذلك، فأنبهه وعرفه عني هذا.
صفحة ٣١