نهاية الرتبة في طلب الحسبة
الناشر
مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر
مكان النشر
القاهرة
يُحَمِّي هَوَاءَهَا، وَيُطَيِّبُ رَائِحَتَهَا. وَلَا يَحْبِسُ مَاءَ الْغَسَّالَاتِ فِي مَسِيلِ الْحَمَّامِ، لِئَلَّا تَفُوحَ رَائِحَتُهَا؛ وَلَا يَدَعُ الْأَسَاكِفَةَ وَغَيْرَهُمْ يَصْبُغُونَ الْجُلُودَ فِي الْحَمَّامِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَتَضَرَّرُونَ بِرَائِحَةِ الدِّبَاغَةِ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَجْذُومُ وَالْأَبْرَصُ إلَى الْحَمَّامِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْحَمَّامِيِّ ميازر (^١) يُؤَجِّرُهَا لِلنَّاسِ، أَوْ يُعِيرُهَا (^٢) لَهُمْ، فَإِنَّ الْغُرَبَاءَ وَالضُّعَفَاءَ قَدْ يَحْتَاجُونَ إلَى ذَلِكَ. وَيَأْمُرُهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] بِفَتْحِ الْحَمَّامِ فِي السَّحَرِ، لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا لِلتَّطَهُّرِ فِيهَا قَبْلَ وَقْتِ الصَّلَاةِ؛ وَيُلْزِمُ النَّاطُورَ (^٣) حِفْظَ ثِيَابِ النَّاسِ، فَإِنْ ضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ﵁.
فَصْلٌ :
وَيَكُونُ الْمُزَيِّنُ -[وَهُوَ الْبَلَّانُ (^٤) - خَفِيفًا رَشِيقًا بَصِيرًا بِالْحِلَاقَةِ، وَيَكُونُ حَدِيدُهُ رَطْبًا قَاطِعًا، وَلَا يَسْتَقْبِلُ الرَّأْسَ وَمَنَابِتَ الشَّعْرِ اسْتِقْبَالًا. وَلَا يَأْكُلُ [الْمُزَيِّنُ] مَا يُغَيِّرُ نَكْهَتِهِ، كَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْكُرَّاثِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ النَّاسُ بِرَائِحَةٍ فِيهِ عِنْدَ الْحِلَاقَةِ.
وَيَبْغِي أَنْ يَحْلِقَ الْجَبِينَ وَالصُّدْغَيْنِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ، وَلَا يَحْلِقَ شَعْرَ صَبِيٍّ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَلَا يَحْلِقَ عِذَارَ أَمْرَدَ وَلَا لِحْيَةَ مُخَنَّثٍ. وَيَأْمُرُ [الْمُحْتَسِبُ] الْمُدَلِّكَ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بِقُشُورِ الرُّمَّانِ، لِتَصِيرَ خَشِنَةً، فَتُخْرِجُ الْوَسَخَ، وَيَسْتَلِذُّ بِهَا الْإِنْسَانُ؛ وَيُمْنَعُ مِنْ دُلُوكِ الْبَاقِلَّا (^٥) وَالْعَدَسِ فِي الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَعَامٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمْتَهَنَ.
فَصْلٌ :
وَيَلْزَمُ الْمُحْتَسِبَ أَنْ يَتَفَقَّدَ الْحَمَّامَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِرَارًا، وَيَعْتَبِرَ مَا ذَكَرْنَاهُ (^٦)؛ وَإِنْ رَأَى أَحَدًا قَدْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ عَزَّرَهُ عَلَى كَشْفِهَا؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ، وَقَدْ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النَّاظِرَ وَالْمَنْظُورَ إلَيْهِ»، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
_________
(^١) انظر ص ٦٠، حاشية ٤.
(^٢) في س "يعرها"، وما هنا من ص، ل، هـ.
(^٣) في س "النا" فقط، وما هنا من سائر النسح الأخرى، والمقصود بذالك هنا حارس الثياب في الحمام. (ابن دريد: الجمهرة، ج ٢، ص ٣٧٥؛ لسان العرب).
(^٤) ما بين الحاصرتين وارد في ص، م فقط.
(^٥) انظر الفهرس.
(^٦) في س "ذكرنا" وما هنا من ل، هـ، م، ع.
1 / 88