386

أو أزيد؟

لأنا نقول : فرض خروج الماء وعدم دخول جسم آخر فيه فرض لوجود الخلاء ، وهو محال ، فيكون المبني عليه محالا ، ولو فرضنا إمكانه ، لكن استفدنا منه أن الواحد في الماهية وفي الإشارة الحسية ، قد لا يكون واحدا بالشخص ، بل كثيرا به. وإذا جوزنا ذلك ، وثبت أن هذا الطريق لم يوجد في الإنسان المشار إليه ، ولكن مع ذلك لا يمكننا القطع بكونه إنسانا واحدا ، لإمكان وجود طريق آخر يقتضي ما اقتضاه الأول من كثرة الإنسان الواحد وتعدده بالشخص كما في البعد ، وإن لم يعلم ذلك الطريق ، فيلزم مما قالوه الشك في وحدة جميع الأشخاص.

** الرابع :

وجوب تباينها في الأحياز ، بحيث يكون حيز كل واحد منها يباين حيز الآخر ويغايره ، والضرورة قاضية بإسناد هذا الحكم في الأجسام إلى الشيء الذي له بذاته حصول في الحيز والجهة ؛ لأن ما عداه من الصور والأعراض لا مدخل له في هذا الامتناع ، لأن ما لا يكون بذاته حاصلا في الحيز استحال أن يقتضي أن يكون بذاته حاصلا في جهة غير جهة شيء آخر ، ومعلوم أن الذي لذاته يقتضي الحصول في الحيز ، إنما هو المقدار ، فإن الهيولى متجردة في ذاتها عن الوضع والمكان ، وإنما يعرض لها ذلك بواسطة المقدار ، والصورة أيضا لا مدخل لها في ذلك ، إذ لا مقدار لها حتى يمانع الداخل في المكان ، وليست في ذاتها شاغلة للحيز ، ولأن الجسم قد يزداد مكانه لازدياد مقداره بواسطة التخلخل ، وينقص مكانه لنقص مقداره بواسطة التكاثف ، مع بقاء الصورة الجسمية في الأحوال كلها. وكذا الصورة النوعية وجميع الأعراض لا حظ لها في شغل الحيز ولا ممانعة الغير فيه بالذات ، بل الشاغل بالذات الممانع للغير فيه ليس إلا المقدار ، فامتناع المداخلة إنما حصل بالذات للمقدار ، وبالعرض لغيره.

صفحة ٣٩٣