حصول الشيء وتحققه وثبوته. وقد نازع في ذلك جماعة المثبتين ، وذهبوا إلى إثبات صفة أخرى مغايرة لذلك سموها : «الوجود». وحينئذ يكون إطلاق لفظ «الوجود» على ما قلناه وعلى ما ذهبوا إليه بالاشتراك اللفظي. ويرجع حاصل الكلام إلى أنه تثبت للذات صفة أخرى وراء الحصول والتحقق. ولكن يجب عليهم إفادتنا هذا المعنى ، وإقامة البرهان عليه.
فإن قال : أعني بالوجود صفة تقتضي حصول الشيء في الأعيان ، قلنا : يستحيل أن يكون الحصول في الأعيان معللا بصفة قائمة بالشيء لوجوه :
** الأول :
نفسه ، لأن حصول الصفة للشيء فرع على حصول ذلك الشيء في نفسه ، فلو كان حصول غيره له (2) علة لحصوله في نفسه لزم الدور.
** الثاني :
العلة لها حصول ، وإلا لزم تعليل الوجود بالعدم ، فيكون حصول تلك العلة مفتقرا إلى علة أخرى ويتسلسل.
** الثالث :
الأعيان قبل العلم بثبوت ذلك الزائد ، فلا يكون وجود الأمور المحسوسة بديهيا بل مستفادا من الحجة ، ويلزم من الشك في تلك الحجة الشك في وجود الأمور الضرورية.
** الرابع :
بالقياس إلى غيرها ، فلو كان وجودها (3) مستقلا بنفسه ، لكان يمتنع
صفحة ٢٨