المدخل:
فاتحة: فتوح فاتحة الأزهار وسائحة الوضوح سائحة الأنهار، هي فاتحة الكتاب ومبتدأ الخطاب: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، وبعثه إليهم مستقلا بأعباء الرسالة داعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا لرسوله بالحنيفية السمحة (السهلة) ليظهره على الدين كله، وجعل له من لدنه سلطانا نصيرا، وأمر بالصلاة عليه قربة إليه وزلفى لديه، وجعلها للذنوب ممحقة وللآثام ممحاة وللسيئات تكفيرا، وختم به النبيين والمرسلين وجعله من خلاصة البريات باليقين ما خط على لوح الوجود بقلم التكون، تعظيما بشأنه وتعزيزا وتكريما لمحله، وتوفية بحقه وتعظيم قدره، وتنويها بأنه أتاه فضلا كثيرا وانتخب له من أهله عليا أخا وعونا وودا وخليلا ورفيقا ووزيرا، وصيره على أمر الدين والرسالة مؤازرا ومساعدا ومنجدا وظهيرا وجعله أمينه، وجمع كل الفضائل فيه وأنزل عليه في شأنه: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (1) تعظيما له وتوقيرا وتعريفا له بحق ولايته وتنبيها على كمال رعايته ليحافظوا عليها وينالوا بها سعادة ونظارة وتنصيرا نصر به الشريعة والإسلام، وأذل ببأسه الكفر والأصنام، وشكر إطعامه الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، ما بارزه مبارز إلا عاد عنه حسيرا، ولا قارنه قرن إلا نكص عنه كسيرا. فكم فرج عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من كربة وبؤس حتى شرفه بقوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»، وكشف عنه كل غمة وكربة حتى نزل فيه: قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (2) فتوفر بها حظه من أقسم العلى توقيرا، ثم زانه شرفا وتعظيما بين
رأيت ولائي آل طه فريضة
بتبليغه إلا المودة في القربى
موالاتهم فرض على كل مسلم
وحبهم أسنى الذخائر للأخرى
صفحة ١٥