وعن أنس (رضى الله عنه) أيضا قال: كنت أمشي مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعليه برد نجواني غليظ لحاشية فأدركني أعرابي فجذبه يراد به جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد أثر بها حاشية البرد من شدة جذبه ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك؟ فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم ضحك ثم أمر له بعطاء (1)
. وروى أبو هريرة (رضى الله عنه) قال: قيل يا رسول الله ادع على المشركين قال: إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة (2)
. وعن ابن مسعود (رضى الله عنه) قال: قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قسما فقال: رجل ما أريد بهذا وجه الله فأتيت النبي فذكرت ذلك فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم قال: «يرحم الله موسى فقد أوذي بما هو أشد من هذا فصبر» (3)
. ذكر تواضعه (صلى الله عليه وسلم)
روي عن ابن عباس (رضى الله عنه) أنه كان يحدث أن الله تعالى أرسل إلى نبيه (صلى الله عليه وسلم) ملكا من الملائكة معه جبرئيل فقال الملك: يا رسول الله إن الله يخيرك بين أن تكون عبدا نبيا وبين أن تكون ملكا نبيا، فالتفت رسول الله إلى جبرئيل كالمستشير له فأشار جبرئيل بيده أن تواضع فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «لا بل عبدا نبيا فما أكل بعد تلك الكلمة طعاما متكئا حتى لحق بالله» (4)
. وعن عائشة (رض) قالت: «قال رسول الله: لو شئت لسارت معي جبال الذهب جاءني ملك إن حجزته لتساوي الكعبة فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت نبيا عبدا وإن شئت نبيا ملكا فنظرت إلى جبرئيل (عليه السلام) فأشار إلي أن ضع نفسك فقلت نبيا عبدا» قالت: فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك لا يأكل متكئا ويقول: «آكل كما يأكل العبد وأجلس كما
صفحة ٥٥