آماله، وأعني اللهم على القيام بشكره والدعاء له بسر القول وجهره، وسدد اللهم عند الثناء عليه أقوالي، فإني معترف بالعجز عن شكره، وعجزي عن ذلك أقوى لي، ووفقني اللهم لما يرضيك عني في عملي أوقى لي، وأدم علي درع إيمانك التي ألبستنيها، فهي أحصن جنة لي وأوقى لي، إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وقد قلت متمثلا في مجده المؤثل وأصله المؤصل بيتين وهما:
فعش ليد تولي وعز بحفظه
ونائبة تكفى ونعمى تنيلها
ودم للمعالي فهي خير ذخيرة
ومشتبه إلا عليك سبيلها
وقد كنت لما نويت الرحلة من المدينة النبوية قاصدا حضرته وسدته الرفيعة العلوية ألفت كتاب: الأربعين الصحاح المسمى (بغية المرتاح إلى طلب الأرباح) ووشحته بألقابه الشريفة، وطرزته بدل أياديه المعظمة المنيفة، حين انتشر ذكره في الآفاق، واشتهر إحسانه وتقليده المنن للأعناق، وأجرى الله تعالى ذكره ذكر مدائحه بالسلطنة على لساني وقلمي، حتى أتيت ساعيا منها إليه على راحلتي وقدمي، فكان الفأل على ما جرى، وظهر أثر ذلك بين الورى، وتشرف السكة والخطبة في الآفاق، بذكر السلطان الفاضل الكامل أبي إسحاق خلد الله تعالى ملكه، وجدد على ممر الزمان سعوده، وبلغه من خير الدنيا والآخرة مراده ومقصوده، إن شاء الله.
فلما وصلت إلى جنابه الكريم، وحللت حماه الرحب العميم، الذي هو مجمع الأشراف ومنبع الألطاف، ومنجح الوسائل ومعدن الفضائل، وشرفت بطلعته الميمونة وقبلت رواحبه وقضيت لمشافهة الدعاء مفترض حقه وواجبه، وجدته بحرا لا ساحل له، وألفيته درا لا مثال له، فلذت بعد قضاء الله تعالى بجواره، والتجأت إلى حضرته الحية وجاره، ورجوت بجاهه حصول المقاصد وإصلاح الأمر الفاسد، فكان لي أكرم ملاذ وأشرف معاذ، أعاذه الله تعالى من الأسواء، ومتعه بطول البقاء.
فلما رأيت تضاعف مكارمه وترادف مراحمه أحببت أن أذكر شطرا من أياديه، وأذكر عشرا مما فيه وأضم إلى كتابي الأربعين كتابا آخر في فضائل سيد المرسلين وخاتم النبيين ورسول رب العالمين، وفضائل ابن عمه أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب، أول من آمن به وصدقه من المؤمنين، ومناقب الزهراء البتول فاطمة قرة عين الرسول (صلى الله عليه وسلم)،
صفحة ١٠