ودعائك، يا محمد لا أقبل صدقات أمتك مع الفضيحة، كما جعلت صدقات بني إسرائيل بل آخذ صدقاتهم بفضلي ودعائك كما قال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات (1) يا محمد لم أجعل حسنات أمتك واحدة بواحدة، بل جعلت حسناتهم الواحدة بعشر إلى سبعمائة وإلى ألفي ألف بفضلي ودعائك، يا محمد لا أفضح أمتك بتبيين الذنوب على أبوابهم كما فضحت بني إسرائيل، بل سترت ذنوبهم من الخلائق والملائكة بفضلي ودعائك.
وقال تعالى: يا محمد سل تعطه فقال: ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به كما حملت بني إسرائيل من أنواع الشدائد وتعجيل العقوبة ، كقطعهم أعضائهم وثيابهم إذا أصابها البول والقذر، وعدم قبول توبتهم إن لم يقتلوا أنفسهم كما قال تعالى: فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم (2).
فمعنى «لا تحملنا ما لا طاقة لنا» أي: لا تجعل توبة أمتي القتل، فقال الله له: قد جعلت توبة أمتك الندامة بفضلي، ورفعت عنهم قطع الثياب والأعضاء بسؤالك، ولم أعاجلهم العقوبة وأمهلتهم برحمتي ودعائك كما قال: وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا (3).
ثم قال: يا محمد سل تعطه فقال: واعف عنا واغفر لنا وارحمنا ، فدعا بثلاث دعوات بالعفو والمغفرة والرحمة، لأن الله أهلك قبل أمته ثلاث أمم بالفسخ والمسخ والقذف والحجارة كقارون وقوم داود (عليه السلام) جعل منهم القردة والخنازير، وقوم لوط [أمطر] عليهم حجارة من سجيل فخاف النبي (صلى الله عليه وسلم) من هذه الخصال على أمته وقال: «واعف عنا من الخسف» فقال تعالى: لا أخسف بأبدانهم الأرض بسؤالك ودعائك لا وأخسف بذنوبهم بفضلي حتى لا ترى الملائكة والآدميون ذنوبهم فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «واغفر لنا من المسخ».
فقال الله تعالى: لا أمسخ أبدانهم ولا أحولهم من حال الإنسانية، وأمسخ ذنوبهم أي أحولها
صفحة ٢١