والزواحف هي أولى الحيوانات التي صار لجنينها كيس يحفظه، وأول قلب يحتوي على أربع فجوات ظهر في التمساح، وأول ما ظهر الدم الدافئ في الطيور واللبونات التي لها أكبر مقدار من الدماغ عند مقابلتها بسائر الحيوان، فظهور الفقريات كان من أكبر فتوحات الطبيعة في ميدان الحياة. (من أول اللبونات: البلاتيبوس، حلقة الصلة بين الزواحف واللبونات، يبيض كالزواحف، ويتبرز ويبول من مخرج واحد مثلها، ولكنه يرضع أطفاله)
عمالقة الأرض
قبل أن تظهر اللبونات التي ترضع أطفالها، امتلأ العالم بالزواحف التي كانت تشبه في كثير من هياكلها التمساح والسحلية (= العظاية) والبرص (= سام أبرص) والورنة، ولكنها كانت تنمو إلى ما يزيد على ضعفي الفيل، أو ثلاثة أو أربعة أضعافه.
حيوانات ضخمة تسعى على اليابسة وتسبح في الماء بحرا أو نهرا، وتطير أو تثب في الجو، وكانت تفترس الحيوان أو تأكل النبات، ولكنها كانت تبيض ولا تلد، وما زلنا نجد بيضها متحجرا إلى الآن، وهو يشبه بيض الزواحف الحاضرة، من حيث إنه يستطيل ويشبه الرغيف الفرنسي.
ولكن هذه الحيوانات مع كل ضخامتها، ومع تعدد أنواعها، ومع أنها استولت على البحر والجو واليابسة، انقرضت ولم يبق منها غير الزواحف التي تعيش في عصرنا، وأكثرها من الضعف بحيث يعيش في السر؛ يختفي في النهار ويخرج في الليل؛ مثل الثعابين، ولكن حتى هذه الزواحف التي لا تزال حية قد احتاجت إلى تطورات مختلفة ساعدتها على البقاء؛ مثل انقراض الأيدي والأرجل للثعابين، ومثل الأنياب السامة، أو الأسلحة السرية، التي تدل على الضعف، في أفواهها، ومثل الحراشف للتمساح، ومثل الدرق الذي تحتمي به السلحفاة واللجاة.
لماذا انقرضت هذه الزواحف التي كانت عمالقة الأرض؟
نحن نعرف أن العمالقة من الناس يعقمون أو يقاربون العقم، ونعرف - مثلا - أن الفيل، وهو عملاق اللبونات على اليابسة، لا تلد أنثاه إلا مرة كل خمس وعشرين سنة، في حين أننا لو تركنا زوجين من الأرانب يتناسلان مع أولادهما لاستطعنا أن نحصل منهما على نحو مليون أرنب في بضع سنوات. (دينصور منقرض: التيرانوسور)
فهنا قاعدة هي أن العملقة في الحيوان تؤدي إلى قلة التناسل أو إلى العقم.
ولكن ما هو الأصل لهذه العملقة؟
يغلب على الظن أن الأصل هو وفرة الطعام، وهي الوفرة التي حملت هذه الزواحف على الركود والسكون، فأدى الركود والسكون إلى زيادة النمو ثم إلى العقم.
صفحة غير معروفة