وإنما قال أحمد وغيره إن الأب إذا زوج بنته بدون مهر المثل جاز ولم تستحق زيادة لأن كمال نظر الأب وشفقته تقتضي أنه لا يفعل ذلك إلا لمصلحة كما يفعل لنفسه وهذا يقوي إحدى الروايتين عنه في أنه له العفو عن نصف الصداق ويقوي أيضا أن له أن يخلعها لا سيما على قولنا في إحدى الروايتين إن الحكمين عند الشقاق حاكمان يجوز لهما الجمع والتفريق بمال وبدونه بدون توكيل الزوجين فإذا جوز لهذا الحكم أن يخلع المرأة بمال من مالها بلا إذنها فجواز ذلك للأب أولى فإنه يجوز له على ظاهر المذهب أن يطلق على الصغير والمجنون.
وأما غير الأب من الأولياء فليس له أن يزوجها على شيء يختص به وليس له ولا للأب أن يزوجها إلا لمصلحتها فلو خطبها شخصان وأحدهما أصلح لها والآخر ينفع الولي لكان عليه أن يزوجها بالأصلح لها وليس له أن يزوجها بالزوج الناقص لغرض له مثل مال يبرطله به أو زوجة يزوجه بها كالمهاجر لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها ونحو ذلك.
هذا إذا كان مجبرا.
وأما إذا كان غير مجبر فعليه نصحها والنظر لها ولهذا جعل له ولاية النكاح وإلا فكان من الممكن أن تأذن لأجنبي فيزوجها كما يقول من أسقط الولي ثم من أسقطها يأمر ذلك الأجنبي بأن ينظر لها ولا يزوجها إلا من كفء.
وإذا كان كذلك فإذا كان إنما يزوجها بذلك الرجل ليزوجه وليته كان قد زوجها لغرضه لا لمصلحتها وبمثل هذا تسقط ولايته فإن ولايته ثابتة بالشرع ليس هو وكيلا محضا والوكيل يتصرف بإذن موكله والولي عليه أن يتصرف لمصلحة المولى عليه ومتى كان غرضه أن يعاوض فرجها بفرج الأخرى لم ينظر في مصلحتها البتة وصار كما لو زوجها على مال يكون له لا لها فهذا لا ينظر في مصلحتها وهو تزويج بلا صداق لها وكلاهما لا يجوز0
فهكذا في نكاح الشغار هي زوجة بلا مهر يحصل لها بل للولي وهذا شر من أن يزوجها بلا مهر أصلا فإنه إذ ذاك قد ينظر في الزوج فيرضاه لها ويسقط المهر أو يسقط تسميته لأجل الزوج كما قد قيل في قوله صلى الله عليه وسلم «زوجتكها بما معك من القرآن» وفي تزويج أبي طلحة بأم سليم على إسلام أبي طلحة رضي الله عنهما.
صفحة ١٩٦