شهادة الجرائد الألمانية عينها: قالت الجريدة الألمانية بوباختر في 29 ديسمبر 1870: علمنا أن جنودنا المظفرة قبضت في نواحي باريس على 25 نفرا من الفران تيرار وجدتهم مختبئين في إحدى الغابات، ولما سأل الضابط قائده ماذا يفعل بهم قال له اعدمهم بالرصاص فامتثل، وكان بينهم شاب لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره يرتعش خوفا وجزعا من الموت ودموعه على خده، فارتمى على رجلي الضابط طالبا منه الرحمة والعفو بكلمات تفتت القلوب وأنه وحيد والديه حتى تحركت عواطف الحنان والشفقة في قلب الضابط، فلما أطلق الرصاص على الفتى وقع الضابط مغمى عليه وجن على إثر هذه الحادثة.
وقالت الغازت دي فوس التي تصدر في برلين، وكانت من أعظم الجرائد شهرة: «لقد عاقبنا نوجان عند وصولنا إليها بأشد عقاب وأخذنا حاكمها وكهنتها ووجهاءها رهائن عندنا، ولكن علمنا أن جنودنا لم تسلك مسلك العدل والشرف والإنسانية مع الأهالي غير المتجندين.»
وقالت جريدة الأنسيجروس نورمبرج: «يجب أن نسحق كل بلد فيها روح التمرد ونجعلها كنوجان عبرة لمن اعتبر! فقد قذف الجنود عليها 180 قنبلة وهدموا فيها 260 منزلا عدا ألوفا من القتلى والجرحى.»
ونشرت جريدة فلوكس زيتونغ رسالة وردت من أحد الضباط الألمان إلى أبيه:
أبي المحترم
إن نانسي مدينة عامرة زاهرة غير أن أهلها أشرار يترصدون جنودنا والخفر الساهر لحراستنا ويطلقون الرصاص عليه ليلا، وقد أطلقوا الرصاص بالأمس على أحد الحراس والحمد لله لم يقتل بل جرح في رجله، فألقينا القبض على بعض أعضاء زمرة الدفاع من الأهلين وعددهم مائتا نفس وأرغمنا كل واحد منهم أن يحفر قبره بيده وأن يدفن رفيقه المقتول، ثم يعدم بالرصاص في دوره إلى أن أعدمناهم جميعا على هذه الصورة فيا لهول المنظر!
وكتب أحد الألمان المدعو هانس واشهازون إلى جريدة كولونيا الألمانية وهي من الجرائد المعتدلة ما يأتي: «منذ دخولنا إلى الأراضي الفرنسوية صرنا لصوصا حقيقيين وقطاع طرق في السلب والنهب والحريق والقتل، وصارت كل البلاد والقرى التي مررنا بها خرابا قفرا وبعضها لم يبق لها أثر، وترى الأهلين في الحقول أو على أبواب بيوتهم الخربة يرتعدون فرقا ويركعون أذلاء أمامنا طالبين أن نسد جوعهم بشيء من الخبز والطعام، بل ترى مدنا كثيرة قد درست معالمها ونفدت مئونتها وأهلها يتضورون جوعا، ويتسولون والشيوخ والنساء والأولاد ينظرون إلى جنودنا بيأس حين توزيع المآكل عليهم من دون أن يحصلوا على كسرة من الخبز لحمل أطفالهم على الكف عن البكاء والعويل، وقد حرقنا بالأمس قريتي فياتو وبونيفال لأن أهلها قتلوا ليلا جنديا من جنود الحرس الليلي.» انتهى. •••
الريال المزيف: ومن آفات الجوع القتال حادثة «الريال المزيف» التي وقعت في السنة الثانية من الحرب، وقد تداولتها الألسنة فأفرغها بشارة أفندي الخوري صاحب جريدة البرق البيروتية في القلب الشعري الذي تراه:
ويح الفقير فما تراه يلاقي
سدت عليه منافذ الأرزاق
صفحة غير معروفة