[ أقسام الناسخ والمنسوخ ]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: ولم يختلف أحد علمته من العلماء، لا خاص، ولا عام أن الآية الناسخة والمنسوخة (ثابتتان) في المصحف يقرءان جميعا، وأن الآية المنسوخة إنما ترك حكمها، وترك العمل بها، وهذا وجه الناسخ والمنسوخ عندي، والله الموفق للصواب برحمته.
وقد قال غيرنا: أن الناسخ والمنسوخ عندهم على ثلاثة وجوه، منها:
[أولا] : ما قلنا به.
والثاني: نسخ الخط وتحويله من مكان إلى مكان.
والثالث: عندهم رفع السورة وإنساؤها من كان يحفظها، وهذا قول فاسد مدخول، وقد احتجوا في ذلك بحديث [2/1] عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا أراه حقا، ولا أعرفه، غير أني أحببت ذكره؛ كي لا يحتج به محتج جاهل فيجهل به غيره - زعموا أن رجلا من المسلمين كان يحفظ سورة من القرآن، فقام يقرؤها (من الليل) فلم يقدر عليها (ثم قام آخر من المسلمين يقرؤها، فلم يقدر عليها، ثم قام رجل ثالث يقرؤها فلم يقدر عليها) فلما أصبحوا غدوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال بعضهم: يا رسول الله، قمت البارحة لأقرأ سورة كذا وكذا، فلم أقدر عليها.
وقال الآخر: يا رسول الله ما جئت إلا لهذا، وقال الثالث [61ب-ب] مثلهما.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إنها نسخت البارحة)).
وذكروا أيضا قول الله [2ب-أ] عز وجل: ?وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته? [الحج:52] .
والنسخ هاهنا له وجه غير الوجوه الأولى، وتأويل غير التأويل الأول، والمعنى فيهما مفترق، غير أني أحببت ذكره إذ ذكروه.
صفحة ٣٣