الرابعة عشر (١) منه لزعمهم الفاسد أن الحج ينتقل إليهم، واستمر كذلك بضعة وعشرين عامًا (٢) لم ينتدب لاستنقاذه من أيديهم وإعادته لمكانه ببذل المال أحد من مياسير المسلمين، ولا نقل عن أحد من علماء عصرهم توجيه خطاب فرض الكفاية إلى أحد منهم، حتى انتدب له الخليفة العباسي المقتدر بالله وقيل المطيع لله (٣)، مع أن رده لمكانه فرض معلوم بإظهار فرضيته، فقد استعيذ بالله من رفعه من مكانه (٤).
قال الفقهاء: ولو رفع الحجر من مكانه والعياذ بالله تعالى، انتقلت أحكامه للركن (٥). فتخَلُّفُ أهل ذلك العصر من العلماء أو الصالحين المياسير
_________
(١) في "الجامع اللطيف"، لابن ظهيرة: ص ٣٨: أنه علق في الأسطوانة السابعة.
(٢) كانت مدة مكثه عندهم: اثنان وعشرون سنة إلَّا شهرًا، كذا في "الجامع اللطيف" ص ٣٨، وفي "تاريخ الكعبة"، لباسلامة ص ١١٥: إلَّا أربعة أيام.
(٣) هناك شك عند بعض من المؤرخين واضطراب في تعيين الخليفة الذي أعيد الحجر الأسود في عهده، وتحقيق الأمر: أن الحجر الأسود أخذ سنة ٣١٧ هـ ومكث ٢٢ عامًا، أي أنه أعيد سنة ٣٣٩ هـ، وكان الخليفة آنذاك هو المطيع لله أبو العباس الفضل بن جعفر (المقتدر بالله) وكان حكمه من سنة ٣٣٤ هـ إلى ٣٦٤ هـ، هذا ما نقله الزركلي عن تاريخ المسعودي الذي عاش في ذلك الزمان، (إذ وفاته سنة ٣٤٥ هـ). الأعلام: ٥/ ١٤٧.
وما ذكره بعض المؤرخين من أنه أعيد زمن الخليفة المقتدر فلا يصح لأنه توفي سنة ٣٢٠ هـ، وإنما أخذ الحجر في عهده، وما ذكره البعض من أن المطيع اشتراه من أبي طاهر القرمطي فلا يصح أيضًا لأن وفاة القرمطي المذكور كانت سنة ٣٣٢ هـ. ينظر: "تاريخ الكعبة"، لباسلامة: ١١٥ - ١١٨ (ط مصر ١٤٢٠ هـ)، والأعلام: ٢/ ١٢١.
(٤) منها حديث: "استمتعوا من هذا البيت فإنه يهدم مرتين ويرفع في الثالثة"، وفي رواية: "يهدم مرتين ويرفع الحجر الأسود في الثالثة"، روى الأول الحاكم في "المستدرك" ١/ ٣٠٦ وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (٦٧٥٣)، وينظر: "تهنئة أهل الإِسلام"، للميموني ٥٢ - ٥٣.
(٥) قال الإِمام جار الله ابن ظهيرة الحنفي في "الجامع اللطيف" ص ٣٩: لو أزيل الحجر من موضعه والعياد بالله تعالى استلم ركنه وقبله وسجد عليه، كذا نقله القاضي عز الدين بن =
1 / 54