extension rule ، لأنها تزودنا بوسيلة الامتداد باللغة إلى مجال موضوعات أوسع، يشمل الموضوعات غير الملاحظة. غير أن كون القاعدة قابلة للتطبيق، ووجود نظام سوي لوصف العالم الفيزيائي للحياة اليومية، هو واقعة تجريبية، أو هو بعبارة أدق واقعة مستمدة بواسطة استدلالات استقرائية. وبهذا المعنى يكون القول بوجود واقع فيزيائي فرضا يرتكز على أساس استقرائي متين.
ولنقل بتعبير آخر إن من الممكن إيجاد تمييز واضح بين القضية القائلة «أن هناك عالما فيزيائيا» وبين القضية القائلة «ليس هناك عالم فيزيائي»، لأننا نستطيع أن نستشهد بتجارب تجعل إحدى القضيتين محتملة والأخرى بعيدة الاحتمال. والقضيتان تختلفان في مضمونهما التنبئي؛ فالنظرة الوظيفية إلى المعرفة تنسب معنى قابلا للتحقيق إلى الفرض القائل بوجود عالم فيزيائي.
وأود أن أقارن بين هذا التحليل وبين المناقشة التقليدية لمذهب «الذات الوحيدة
solipsism » فالنظرية الفلسفية التي تقول بالذات الوحيدة ترى أن كل ما يمكننا تأكيده هو أن لدينا تجارب، ولكننا لا نستطيع أبدا أن نتجاوز نطاق هذا التأكيد ونثبت أن هناك واقعا موضوعيا. وعلى الرغم من أننا لا نكاد نجد أحدا يتخذ هذا الموقف بالفعل، فقد بنى عليه بعض الفلاسفة مذهبا فلسفيا، ومن هؤلاء جورج باركلي
G. Berkeley
وماكس شتيرنر
M. Stirner
وعندما أقول إن هذين المفكرين ذاتهما لم يؤمنا بهذه النظرية بالفعل، أشير إلى واقعة أنهما ألفا كتبا تعرض نظريتهما، وهي واقعة لا يمكن تفسيرها لو لم يكونا يعتقدان بوجود أشخاص آخرين يمكنهم قراءة هذه الكتب . وكثيرا ما قيل إن نظرية الذات الوحيدة، على الرغم من بعدها التام عن كل ما هو معقول، لا يمكن أن تفند بحجج منطقية، لأن كل ما تثبته تجاربنا هو أن لدينا تجارب، لا أن هناك عالما فيزيائيا.
ولست أعتقد أن الموقف ميئوس منه إلى هذا الحد؛ فالقائل بالذات الوحيدة يرتكب خطأ أساسيا؛ إذ يعتقد أنه يستطيع إثبات وجود شخصه هو. ولكن كشف «الأنا»، أي شخصية الملاحظ، مبني على استدلالات من نفس النوع الذي يبنى عليه كشف العالم الخارجي. والجزر الموجودة في اليوميات تفسر بأنها حالات جسمية للملاحظ بنفس الطريقة التي تعد بها الجمل الباقية دليلا على وجود عالم فيزيائي، بل إن الجزر في الواقع تدمج على هذا النحو في تفسير فيزيائي شامل، ما دام الملاحظ جزءا من العالم الفيزيائي. ولقد قلنا من قبل إن افتراض الملاحظ وحالاته الجسمية يؤدي إلى فقدان الجمل التي تمثل جزرا لطابع الجزر فيها، وتغدو جملا تصف العالم الفيزيائي، من حيث إنها تعد جملا تصف الملاحظ، وهكذا فإننا إذا استطعنا أن نثبت وجود الأنا، نستطيع أيضا أن نثبت وجود العالم الفيزيائي، وضمنه وجود الأشخاص الآخرين. فالقائل بمذهب الذات الوحيدة يغفل هذا التوازي بين الاستدلالات، وهو يصف الأنا وتجاربه بأنه معرفة مطلقة، ثم يعجز عن استخلاص العالم الخارجي، غير أن عجزه هذا نابع من منطقه الهزيل.
ولقد كان التحليل الصحيح للموقف هو ذلك الذي قدمناه من قبل؛ فليس لدينا دليل قاطع بصورة مطلقة على أن هناك عالما فيزيائيا وليس لدينا دليل قاطع بصورة مطلقة أيضا على أننا موجودون. ولكن لدينا دليلا استقرائيا قويا على الأمرين معا، وباستخدام نتائج تحليل الاستدلال الاستقرائي، نستطيع أن نقول: إن لدينا أسبابا قوية لترجيح وجود العالم الخارجي فضلا عن أشخاصنا؛ ذلك لأن كل معرفة لنا إنما هي ترجيحات، وعلى ذلك فإن أعم معرفة لدينا، أعني معرفتنا بوجود العالم الفيزيائي وبوجودنا نحن البشر في داخله، هي ترجيح.
صفحة غير معروفة