نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم

محمد الخضر حسين ت. 1377 هجري
53

نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم

تصانيف

43

وزير السلطان السلجوقي، وقابوس بن وشمكير الزياري، ويعقوب بن كلس، وزير العزيز بالله ثاني ملوك الدولة الفاطمية، والصاحب بن عباد، وزير مؤيد الدولة بن بويه، إلى غير هؤلاء من ملوك ووزراء عرفوا قيمة العلم، وخلوا سبيل الأفكار تتمتع بملاذه وتنفق من طيباته كيف تشاء.

وإذا سرحنا الطرف في دول الأندلس والمغرب رأينا كثيرا من ملوكها شادوا صروح العلم، وأوسعوا ميدان المنافسة في فنونه؛ مثل: الحكم المستنصر بالله الخليفة بقرطبة، ويوسف بن عبد المؤمن سلطان مراكش، وغيرهما من ملوك الطوائف وبعض ملوك الدولة الحفصية والدولة الحسينية في تونس.

ولعل المؤلف قرأ في بعض الكتب أن من طبائع الاستبداد الضغط على العلم، فضم إلى هذه النظرية ما يعتقده من أن خلفاء الإسلام وملوكه مستبدون، فانتظم له قياس منطقي من الشكل الأول؛ وهو: ملوك الإسلام مستبدون، وكل مستبد يضغط على العلم، فالنتيجة: ملوك الإسلام يضغطون على العلم!

ولكن ماذا ينفع هذا القياس، والتاريخ الصحيح يشهد بأن خلفاء الإسلام وملوكه رفعوا لواء العلم، ومنهم انبعثت أشعته إلى الشرق والغرب؟! قال روبودان الإنجليزي في كتاب تاريخ الموسيقى:

44 «بعد فتح بلاد الفرس أصبحت ينابيع العرفان تنهمر إلى العرب على طريق دمشق وحلب وإسكندرية، وتجري على سواحل أفريقية الشمالية إلى بلاد إسبانيا حتى انتهت إلى قرطبة التي أنشأها الأمويون، فأصبحت مركز العلوم والمعارف إلى أنحاء أوروبا.»

وقال: «إن العرب في القرون الوسطى كانوا حملة العلم والعرفان إلى بقية أنحاء العالم، وبينما كانت أوروبا غارقة في أشد دياجير الجهل ظلاما، كان الخلفاء في بغداد عاصمة ملكهم وقد بلغوا أعلى شأو في المدنية والعرفان؛ لأنهم كانوا ملوكا لممالك عظيمة تمتد من نهر الغنج شرقا إلى المحيط الأطلنتيكي غربا؛ حيث توجد طنجة.»

45

وقال: «وبفضل سهرهم «يعني خلفاء قرطبة» على العلوم؛ أصبح أطباء العرب وفلاسفة قرطبة حملة راية العلم في العالم.»

46

صفحة غير معروفة