أقول: أولا إن هذا المتعسف أراد بهذا الكلام نقض العلة التي أثبتناها في الجمع بين الدماء المسفوح والحيض ودم الاستحاضة فأخطأ وجه التعليل لأنا إنما جعلنا العلة الجامعة بينها هي الاستقذار فقام هذا بنقض دعوى تساويهما في الرائحة واللون، ثم صرح أن العلة الرائحة ونحن لم نقل بجميع ذلك وهل من أحد يسوغ أن يجعل العلة اللون أو الريح فقط،فظهر لك من هنا أن اعترافه بمعزل عما نحن فيه كما هو غير مستنكر من تخليطاته ولا مستغرب من أغلوطاته، وثانيا: أن قوله وإن رد التخفيف في بعضها فعلى مدعى اتحاد العلة الدليل متناقض فإنه كان ينبغي أن يقول هكذا وإن ورد التخفيف في بعضها فعل مدعيه في الآخر الدليل، ومن لا يفهم كلامه فأن له يتعاطى الأحكام والدخول على أرباب الأفهام.
قوله: فظهر أن الفرق بين هذه الأشياء المذكورة ظاهر يعرفه من به أدنى إلمام بالفقه النبوي إلا ما اصطلحوا عليه أهل الفقه الآخر فإن الصحابة هم أعمق الناس فقها وعلما وإن ادعى ذلك من ادعاه من متأخري هذه الأمة، وليس من شرط التعبد الاطلاع على معرفة علل الأحكام بل بما ظهر من ذلك بالنصوص الواضحة .
صفحة ٤٦