ولأن الطيب من لذة الأرواح وهي لذة ملكية بخلاف الأكل والشرب فإن الإنهماك فيه لذة بهيمية وهذه نكتة حذف المتعلقين في{كلوا واشربوا}[البقرة:60] فإن قيل أن الطرب لذة روحية فما بال حذفه قلت: هو هذا الطرب وإن لم يكن محرما لكنه شارك الطرب المحرم في الإسم؛ وكان رضوان الله عليه بكرهه يكره كما قال المولى محمد بن إسحاق من أبيات:
وصمت إذا كانت به تتلاها، وقد تكون النكتة زيادة التوجع والتحسر كقوله:
فيا قبر معن أنت أول موضع
ويا قبر معن كيف واريت جوده ... من الأرض حطت للسماحة موضعا
وقد كان منه البر والبحر مترعا
وقد تكون النكتة تذكير ما بعد بسبب زيادة طول الكلام إما مع رابط كقوله تعالى:[ ]{لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب}[آل عمران:188] فقوله{فلا تحسبنهم} تكرير لقوله {ولا تحسبن} لبعده عن المفعول الثاني والرابط الفا أو مجردا عن الرابط كما في قوله تعالى: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم}[النحل:110] وكقوله:
لقد علم الحي اليمانون أنني ... إذا قلت أما بعد أني خطيبها[59أ-ب]
صفحة ٢٨٧