والعجب أن الخللق عند العرب إنما هو التقدير نفسه؛ فإذا قالوا خلق كذا وكذا، وكذلك قال " أحسن الخالقين " وقال " تخلقون إفكا " وقال: " وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير " فقالوا: صنعه وجعله وقدره وأنزله، وفصله وأحدثه، ومنعوا خلقه. وليس تأويل خلقه أكثر من قدره. ولو قالوا بدل قولهم قدره ولم يخلقه: خلقه ولم يقدره، ما كانت المسألة عليهم إلا من وجه واحد.
والعجب أن الذي منعه بزعمه أن يزعم أنه مخلوق أنه لم يسمع ذلك من سلفه وهو يعلم أنه لم يسمع أيضا عن سلفه أنه ليس بمخلوق. وليس ذلك بهم، ولكن لما كان الكلام من الله يقال عندهم على مثل خروج الصوت من الجوف، وعلى جهة تقطيع الحروف وإعمال اللسان والشفتين، وما كان على غير هذه الصورة والصفة فليس بكلام.
صفحة ١٩