من الله تعالى بالفعل ، يدل على أنه من قبلنا ، فمن هذا الوجه يجب أن يدل على قولنا.
ومن وجه آخر ، وهو أن الشر الذى نستعيذ بالله منه لو كان الله خالقا له فينا لم يكن للاستعاذة معنى ؛ لأنه تعالى إن خلقه فينا « وجب كونه (1): وجدت الاستعاذة أم عدمت.
ومن وجه آخر : وهو أنه (2) كان يجب أن نستعيذ بالله من شره لا من شر الشيطان ؛ لأنه تعالى هو الفاعل لذلك فينا ، دون الشيطان!
ومن وجه آخر : وهو أن هذه الاستعاذة تقتضى الانقطاع إلى الله تعالى ، والاستعاذة فيما يريده من قراءة القرآن ، وذلك لا يصح إن كان تعالى هو الذى يخلق فينا القراءة المستقيمة ؛ لأنه متى خلقها كذلك استقامت ، وإن خلق فينا السهو اختلفت ، فلا وجه لذلك إلا على ما نقوله ، يبين ذلك أنه تعالى قال بعده : ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا ) [99] وقد أمرهم تعالى بالاستعاذة ، فبين أنه لا سلطان له. فلو لم يكن الفعل للعبد ، لكان لا وجه لذلك إلا التحرز مما يخلقه تعالى! والتحرز من ذلك محال.
ومن وجه آخر ، وهو أن ما يفعله الشيطان من الوسواس أيضا من فعله تعالى ، فإن كان التحرز بالاستعاذة منه وطلب المعونة فيه ، فقد عاد الأمر إلى أنا نتحرز من الله ، لكنه يلزم التحرز منه بشيئين : أحدهما : الوسواس ، والآخر : ما يقع فينا من السهو ، وإذا كان تعالى يريد أن يفعل فينا ذلك ،
صفحة ٤٥٢