أنشأ كتابا ساطعا تبيانه قاطعا برهانه.
أفحم به من طولب بمعارضته من العرب العرباء، وأبكم به من تحدى به من مصاقع الخطباء، فلم يتصد للإتيان بما يوازيه أو يدانيه واحد من فصحائهم، ولم ينهض لمقدار أقصر صورة منه ناهض من بلغائهم على أنهم كانوا أكثر من حصى البطحاء، وأوفر عددا من رمال الدهناء، إن أتاهم أحد بمفخرة أتوه بمفاخر، وإن رماهم بمأثرة رموه بمآثر.
المثبت بالعصمة، المؤيد بالحكمة، الشادخ الغرة، الواضح التحجيل، النبي الأمي المكتوب في التوراة والإنجيل.
اعلم أن متن كل علم، وعمود كل صناعة.
طبقات العلماء فيه متدانية متدانية، وأقدام الصناع فيه متقاربة أو متساوية، إن سبق العالم العالم لم يسبقه إلا بخطى يسيرة، أو تقدم الصانع الصانع لم يتقدمه إلا بمسافة قصيرة.
ما في العلوم والصناعات من محاسن النكت والفقر، ومن لطائف معان تدق فيها مباحث الفكر، ومن غوامض أسرار محجبة وراء أستار لا يكشفه عنها من الخاصة إلا أوحدهم وأخصهم.
ثم إن إملاء العلوم بما يغمر القرائح وإنهاضها بما يبهر الألباب القوارح كثير المطالعات طويل المراجعات.
مسترسل الطبيعة منقادها مشتعل القريحة وقادها.
تمهل في ارتيادهما آونة وتعب في التنقير عنهما أزمنة.
يقظان النفس دراكا للمحة، وإن لطف شأنها، منتبها على الرمزة، وإن خفي مكانها، لا كزا جاسيا ولا غليظا جافيا.
صفحة غير معروفة