كان بالإمكان بحيث يقبل التفريق والتبعيض لم يسلم اللزوم، ولا دل ذلك عليه؛ وإنما ذكر في الدليل أن كل جانب غير الآخر.
ومطلق المغايرة لا يقتضي قبول التفريق والانفصال؛ فإن لفظ «غير» فيه اصطلاحان، أحدهما: اصطلاح الأشعرية ومن وافقهم أن ما جاز مفارقة أحدهما الآخر بزمان أو مكان أو وجود أو ما جاز مفارقة أحدهما مطلقا ولهذا لا يقولون صفات الله مغايرة لذاته؛ بل لا يقولون إن الصفة اللازمة للمخلوق مغايرة له، ولا أن بعض الجملة مغاير لها، ولا الواحد من العشرة مغاير لها. فعلى هذا إذا لم يقبل التفريق لم يكن أحد من الجانبين مغايرا للآخر.
والاصطلاح الثاني: أن حد «غير» ما جاز العلم بأحدهما دون الآخر.
وهذا اصطلاح المعتزلة والكرامية، فعلى هذا تكون صفة الموصوف مغايرة له، وتكون صفات الله مغايرة لذاته، ويكون كلام الله غير الله.
وعلى القولين الأولين لا يكون كلامه غيره.
والذي عليه السلف أنه لا يطلق إثبات المغايرة، ولا نفيها، لكن يفصل (١): هل أريد «بالغير» أنه ممكن العلم بهذا دون هذا، أو يريدون أنه يمكن مفارقة هذا لهذا، ووجود هذا بدون هذا، وتحقق ماهية هذا دون هذا، ونحو ذلك؟
فعلى هذا التفسير لا تكون الصفة اللازمة للموصوف مغايرة للموصوف، ولا البعض اللازم للكل مغايرا للكل على ذلك.
وأما لزوم «الانتقال» فللناس عنه جوابان مبنيان على جواز قيام
_________
(١) يعني: يستفصل المطلق لهذه العبارة.
1 / 69