وكذلك أهل الحلول الخاص إخوان أهل الاتحاد الخاص، كما افترقت النصارى في المسيح، فإن «النسطورية» قالوا بحلول اللاهوت في الناسوت، «واليعقوبية» قالوا باتحاد اللاهوت والناسوت. و«الملكانية» قالوا بالاتحاد من وجه دون وجه. الأولون شبهوه بالماء في الإناء. والآخرون شبهوه بالماء واللبن، والثالثة شبهوه بالنار في الحديد، فقالوا: هما جوهر واحد واقنومان. ثم هؤلاء أهل الاتحاد المخصوص يحتاجون أن يقولوا: أن الرب والعبد اتحدا بعد أن كانا اثنين وأن اللاهوت اتحد أو امتزج أو اختلط أو اتصل بالناسوت بعد أن لم يكن كذلك.
وأما «أهل الاتحاد المطلق» فإن لفظة الاتحاد عندهم ليست مطابقة لمذهبهم؛ فإن عندهم ما زال واحدا، ولا يزال، لم يكن شيئان فصار واحدا، ولكن كانت الكثرة والتفرق في قلب الإنسان لما كان محجوبا عن شهود هذه الحقيقة فلما انكشف الحجاب عن قلبه شهد الأمر. فالمراتب في اعتقاده وخياله، وأما الكثرة والتفرق فهو عندهم بمنزلة أجزاء الكل أو جزئيات الكل، كما تقدم.
وهؤلاء إذا أُنْشِدَ شعر بعضهم بصوت مُلَحَّن كشعر التلمساني وبعض شعر ابن إسرائيل، مثل قوله:
وما أنت غير الكون بل أنت عنيه ... ويفهم هذا السر من هو ذائق
وقوله:
وتلتذ إن مرت على خدي يدي ... لأني في الحقيقة لست سواكم
كان هذا من سماع الذي هو سبب الكفر.
وأما «المجمل من الحروف والأصوات» فمثل كثير من المنطق والكلام، ومثل الأشعار التي فيها ذكر الحب مطلقا بتوابعه من الهجر والوصل والصدود والشوق؛ مثل كثير من شعر ابن الفارض، فإن تلك
1 / 38