فقال : « إنا قد بايعنا وعاهدنا ولا سبيل إلى نقض بيعتنا. »
وهناك دقيقة أخرى كانت ملحوظة للإمام الشهيد أفرغها بهذه الكلمة الموجزة وهي أن الانسان اذا عاهد آخر لا يجوز له نقض عهده ولو كان مشركا ولذا وردت الأخبار وفقا للآية الكريمة : «
** وان أحد المشركين استجارك فأجره
إمرأة » وفسره الصادق عليه السلام بأن جيش المسلمين اذا حاصر المشركين فأشرف رجل منهم وقال اعطوني الأمان حتى ألقى صاحبكم فأعطاه أدناهم الأمان وجب على أفضلهم الوفاء به.
وحينئذ يقول أبو عبدالله : ان هذه المسألة التي أعطيناها معاوية على ما فيها من ظلم وغشم بعد أن صدرت منا لا يصح نقضها ، إذا فكيف بالبيعة الصادرة لامام الحق المنصوب من قبل الله سبحانه فانها أولى وأجدر بالإلزام وعدم النقض ، وان لا تتباطأ الأمة عن القيام بها ، وهذا من سيد الشهداء درس راقي وفقه شامل لو كانت هناك آذان صاغية ، وقلوب واعية ونفوس زاكية.
ومن هذا الباب ما جرى للحسين مع علي بن بشير الهمداني وسفيان بن أبي ليلى الهمداني النهدي ، والمسيب بن نجبة ، وعبد الله بن الوراك وسراح بن مالك الخثعمي ، فإنهم دخلوا عليه ، وخبروه بما رد به عليهم أبو محمد عليه السلام واستنهضوا الحسين لمقارعة ابن هند.
فقال لهم الحسين :
فأبو عبدالله أرجأ هذه النهضة لسد باب المنكر إلى الوقت المعلوم لديهم من جدهم الرسول صلى الله عليه وآله وقد قام بها سيد شباب أهل الجنة يوم جاء ذلك الوقت فدوى العالم بصرخته الأحمدية ، وعرفت الأجيال المتعاقبة مخازي ابن هند ، ويزيد ، ومن لاث بهم من جراثيم الفتن ، فتوقدت العزائم واحتدمت النفوس من أناس حتى أجهزت على حياتهم ، ودمرت ملكهم وعرفت الأمة مبلغ أولئك المتسنمين منبر النبوة من الشقاء ، ومبلغ من ناوأهم من أهل البيت من الحق والسعادة.
وغير خاف أن هذا التذمر من رجالات الشيعة ، ومجابهتهم الإمام الزكي بتلك
صفحة ٥٠