وفي بلده الحيوان المعروف بالنشان المعلم، وهو الذي تسميه العوام الكركدن، وله في مقدم جبهته قرن واحد، وهو دون الفيل في الخلقة وأكبر من الجاموس، إلى السواد ما هو، وهو يجتر كما تجتر البقر وغيرها مما يجتر من الحيوان، والفيلة تهرب منه، وليس في أنواع الحيوان والله أعلم أشد منه، وذلك أن أكثر عظامه أصم، ولا مفصل في قوائمه ولا يبرك في نيام، وإنما يكون بين الشجر والآجام يستند إليها عند نومه، والهند تأكل لحمه، وكذلك من في بلادهم من المسلمين؟ لأنه نوع من البقر، والجواميس بأرض السند والهند كثيرة، وهذا النوع من الحيوان وهو النشان يكون في أكثر غابات الهند، إلا أنه في مملكة رهمى أكثر، وقرونه أصفى وأحسن، وذلك أن قرنه أبيض، وفي وسطه صورة سوداء في ذلك البياض أما صورة إنسان أو صورة طاووس بتخطيطه وشكله أو صورة سمكة أو صورته في نفسه أو صورة نوع من الحيوان مما يوجد في تلك الديار، فينشر هذا القرن وتتخذ منه المناطق والسيور على صورة الحلية من الذهب والفضة فتلبسها ملوك الصين، وخواصها تتنافس في لبسها وتبالغ في أثمانها فتبلغ المنطقة ألفي دينار إلى أربعة آلاف، فيها معاليق الذهب، وذلك في نهاية الحسن والإتقان، وربما تقمع بأنواع من الجواهر على قضبان الذهب، ووجوه تلك الصور مكتبة بسواد في بياض، وربما يوجد في قرونه بياض في سواد، وليس في كل بلد يوجد في قرون النشان ما ذكرنا من الصور.وقد زعم عمرو بن بحر الجاحظ أن الكركدن يحمل في بطن أمه سبع سنين، وأنه يخرج رأسه من بطن أمه فيرعى ثم يدخل رأسه في بطنها، وهذا القول أورده في كتاب الحيوان على طويق الحكاية والتعجب، فبعثني هذا الوصف على مسألة من سلك تلك الديار من أ.هل سيراف وعمان ومن رأيت بأرض الهند من التجار، فكل يتعجب من قوله إذا أخبرته بما عندي من هذا وسألته عنه، ويخبرونني أن حمله وفصاله كالبقر والجواميس، ولست أدري كيف وقعت هذه الحكياة للجاحظ: أمن كتاب نقلها أو مخبر أخبره بها..
الكامن
ولرهمى في ملكه بروبحر، ويلي ملكه ملك لا بحرله يقال له ملك الكامن، وأهل مملكته بيض مخرمما الآذان، لهم فيلة وإبل وخيول، وحسن وجمال للرجال والنساء، ثم بعد هؤلاء ملك الإفرنج، وله بر وبحر، وهو على لسان من البر في البحر، يقع إلى بلده عنبر كثير، وفي بلده فلفل يسير، وهو ف فيلة كثيرة، وهو ذو بأس بين الملوك وزهو وفخر، وزهوة أكثر من قوته، وفخره أكثر من بأسه، ثم يلي هذا الملك ملك الموجه أهله بيض فو حسن وجمال غيرخرومي الآذان، لهم خيل كثيرة، وعدد منيعة، والمسك في بلادهم كثير على ما قدمنا من غزلانهم ووصف ظبائهم فيما سلف من هذا الكتاب، وهذه الأمة تشبه بأهل الصين في لباسهم، وجبالهم منيعة شواهق بيض، لا يعلم بأرض السند والهند ولا فيما ذكرنا من هذه الممالك جبال أطول منها ولا أمنع،، ومسكهم موصوف مضاف إلى بلدهم يتعارفه البحريون، ممن عني بحمل ذلك وتجهيزه، رهو المسك المعروف بالموجهي.
الماند
ثم يلى الموجه مملكة الماند، ولهم مدن كثيرة وعمائر واسعة وجنودعظيمة، وملوكهم تستعمل الخدم والخصيان في عمالات بلدانهم من المعادن وجبايات الأموال والولايات وغيرها كفعل ملوك الصين على حسب ما وصفنا من أخبارهم، والماند مجاورون لمملكة الصين، والرسل تختلف بينهم بالهدايا، وبينهم جبال منيعة وعقبات صعبة، وللماند البأس العظيم والبطش الشديد والقوة، وإذا دخل رسل ملك الماند مملكة الصين وكل ملك الصين بهم، ولم يتركهم ينتشرون في بلادهم خوفا أن يقفا على طرقهم وعورات بلادهم، لكبرة الماند في نفسهم.
بعض عوائد الهند والصين
صفحة ٧٣