67

المروءة

محقق

محمد خير رمضان يوسف

الناشر

دار ابن حزم

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

مناطق
العراق
الامبراطوريات
الخلفاء في العراق
يَا بُنَيَّ، أَوَ مَا عَلِمْتَ مَا قَالَ بِعْ حُكَمَاءِ الْعَرَبِ إِذْ يَقُولُ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، اطْلُبِ الْعِلْمَ، وَاحْرِصْ عَليّ الادب، فانها زِيَادَةٌ
فِي الْعَقْلِ، وَدَلِيلٌ عَلَى الْخَيْر، وَعون عَليّ المرءوة، وَوَصْلَةٌ فِي الْمَجَالَسَةِ، وَشَفِيعٌ أَمَامَ الْحَاجَةِ، وَأَنَسٌ فِي الْوِحْدَةِ، وَصَاحِبٌ فِي الْغُرْبَةِ، وَوَسِيلَةٌ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْجِدَة، وَسَبَبٌ إِلَى الدُّنُوِّ من اهل الشّرف والمقدرة.
وَفِي ذَلِك يَقُول بعض الشُّعَرَاء:
لَا تساسن مِنَ الطَّلَبْ ... لِجَمِيعِ أَصْنَافِ الأَدَبْ
أَنِّي رَأَيْتَ أَخَا الأَدَبْ ... مُحْظَى بِهِ أَهْلُ الْحَسَبْ
وَيَنَالُ جَاهًا عِنْدَهُمْ ... وَيَحُلُّ فِي أَعْلَى الرُّتَبْ
وَأَخُو الْجَهَالَةِ يَجْتَوِي ... مِنْهُ الْحُضُورُ ويجتنب
وَهل التحاسب بمستوي ... فِي الْجَوْهَرِيَّةِ وَالذَّهَبْ
يَا بُنَيَّ، اَوْ مَا تعلم مَا يين الْمَرْء وينقضة وَيُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ وَيَضَعُ مِنْ قَدْرِهِ وَيُخْمِلُ شَرَفَهُ: تَرْكُهُ طَلَبَ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ، وَرَغْبَتُهُ عَنْهُمَا، وَزُهْدُهُ فِيهِمَا، وَقلة معرفتة بفضلها، وَجَهْلُهُ بِعَظِيمِ قَدْرِهِمَا. وَقَدْ قَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ لإِبْرَاهِيمَ الْمُجَاشِعِيُّ: مَا الْإِنْسَانُ لَوْلا الْأَدَبُ إِلَّا صُورَةٌ مُصَوَّرَةٌ، وَنَهْمَةٌ مُهْمَلَةٌ. وَلَقَدْ أَنْشَدَنِي أَبُو الْهُذَيْلِ الْبَصْرِيُّ الْعَلَّافُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ:
إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يُزَيِّنُهُ ... وَلَمْ يَكُنْ ذَا دِينٍ قَوِيمٍ وَلَا أَدَبْ

1 / 89