وليس كذلك الخبر الذي تدعونه؛ لأن صحته تستند إلى أمور غير معلومة ولا ظاهرة ولا طريق إلى علمها؛ لأن الكثرة التي لا يجوز عليهم التواطؤ لابد من إثباتهم في رواية هذا الخبر، في أصله وفرعه، وفيما بيننا وبين موسى (عليه السلام)، حتى يقطع على أنهم ما انقرضوا في وقت من الأوقات ولا قلوا، وهذا مع بعد العهد وتراخي الزمان محال إدراكه والعلم بصحته.
قضوا (62) حينئذ على أن الكلام في معجز النبوة - حتى إذا صح، قطع به على بطلان الخبر - أولى من الكلام في الخبر والتشاغل به.
[استعمال هذه الطريقة في المجادلات بطريق أولى]
وهذا الفرق يمكن أن يستعمل بيننا وبين من قال: كلموني في سبب إيلام الأطفال قبل الكلام في حكمة القديم تعالى، حتى إذا بان أنه لا وجه يحسن هذه الآلام بطلت الحكمة، أو قال بمثله في الآيات المتشابهات.
وبعد، فإن حكمة القديم تعالى في وجوب تقدم الكلام فيها على أسباب الأفعال، ووجوه تأويل الكلام، بخلاف ما قد بيناه في نسخ الشريعة ودلالة(63) المعجز:
لأن حكمة القديم تعالى أصل في نفي القبيح(64) عن أفعاله،
صفحة ٤٩